{ أَنِ اغدوا على حَرْثِكُمْ إِن كُنتُمْ صَارِمِينَ } أى : قا بعضهم لبعض : هيا بنا لنذهب إلى بستاننا لكى نقطع ما فيه من ثمار فى هذا الوقت المبكر ، حتى لا يرانا أحد ، إذ الغدو هو الخروج إلى المكان فى غدوة النهار . أى : فى أوله .
قال صاحب الكشاف : فإن قلت : هلا قيل : اغدوا إلى حرثكم ، وما معنى " على
قلت : لما كان الغدو إليه ليصرموه ويقطعوه : كان غدوا عليه ، كما تقول : غدا عليهم العدو . ويجوز أن يضمن الغدو معى الإِقبال ، كقولهم : يغدى علهي بالجفنة ويراح .
أى : فأقبلوا على حرثكم باكرين . .
وجواب الشرط فى قوله : { إِن كُنتُمْ صَارِمِينَ } محذوف لدلالة ما قبله عليه . أى : إن كنتم صارمين فاغدوا
والغدوّ : الخروج ومغادرة المكان في غُدوة النهار ، أي أوله .
وليس قوله : { إن كنتم صارمين } بشرط تعليق ولكنه مستعمل في الاستبطاء فكأنهم لإبطاء بعضهم في الغُدوِّ قد عدل عن الجذاذ ذلك اليوم . ومنه قول عبد الله بن عُمر للحجاج عند زوال عرفة يحرضه على التهجير بالرواح إلى الموقف الرواحَ إن كنت تُريد السنة . ونظير ذلك كثير في الكلام .
و { على } من قوله : { على حرثكم } مستعملة في تمكن الوصول إليه كأنه قيل : اغدوا تكونوا على حرثكم ، أي مستقرين عليه .
ويجوز أن يضمن فعل الغدوّ معنى الإِقبال كما يقال : يُغدى عليه بالجَفْنة ويُراح . قال الطيبي : « ومثله قيل في حق المطلب تَغدُو دِرَّتُه ( التي يضرب بها ) على السفهاء ، وجَفنته على الحُلماء » .
والحرث : شق الأرض بحديدة ونحوها ليوضع فيها الزريعة أو الشجر وليزال منها العشب .
ويطلق الحرث على الجنة لأنهم يتعاهدونها بالحرث لإِصلاح شجرها ، وهو المارد هنا كقوله تعالى : { وحرثٌ حِجْر } في سورة الأنعام ( 138 ) ، وتقدم في قوله : { والأَنعاممِ والحرثِ } في سورة آل عمران ( 14 ) .
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
"أن اغْدُوا على حَرْثِكُمْ" وذلك الزرع.
"إنْ كُنْتُمْ صَارِمِينَ" يقول: إن كنتم حاصدي زرعكم.
النكت و العيون للماوردي 450 هـ :
{إن كنتم صارمين} أي عازمين على صرم حرثكم في هذا اليوم.
تفسير القرآن للسمعاني 489 هـ :
يقال: في العنب الصرام، وفي الزرع الحصاد.
الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :
{صارمين} حاصدين. فإن قلت: هلا قيل: اغدوا إلى حرثكم؛ وما معنى (على)؟ قلت: لما كان الغدوّ إليه ليصرموه ويقطعوه: كان غدوّا عليه، كما تقول: غدا عليهم العدوّ.
ويجوز أن يضمن الغدوّ معنى الإقبال، أي: فأقبلوا على حرثكم باكرين...
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :
وقولهم {إن كنتم صارمين}، يحتمل أن يكون من صرام النخل، ويحتمل أن يريد إن كنتم من أهل عزم وإقدام على آرائكم من قولك: سيف صارم...
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
وفسر التنادي بقوله: {أن اغدوا} أي بكروا جداً مقبلين ومستولين وقادرين {على حرثكم} أي محل فائدتكم الذي أصلحتموه وتعبتم فيه فلا يستحقه غيركم، فكأنهم استبطأوا قيامهم وغدوهم فكفوا عنه بقوله: {إن كنتم} أي اليوم كوناً هو لكم بغاية الرغبة {صارمين} أي جاذين جذاذاً ليسلم لكم من غير مشاركة أحد لكم كما تواثقتم عليه، أو جازمين بما عزمتم عليه...
تيسير التفسير لاطفيش 1332 هـ :
{إِنْ كُنتُمْ صَارِمِينَ} مريدين للصرم أي قطع الثمار، حركوا إِرادتهم لزيادة التنشيط.
في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :
ها هم أولاء يصحون مبكرين كما دبروا، وينادي بعضهم بعضا لينفذوا ما اعتزموا
(فتنادوا مصبحين: أن اغدوا على حرثكم إن كنتم صارمين).. يذكر بعضهم بعضا ويوصى بعضهم بعضا ويحمس بعضم بعضا!
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
والتنادي: أي ينادي بعضُهم بعضاً، وهو مشعر بالتحريض على الغدوّ إلى جنتهم مبكرين.