السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{أَنِ ٱغۡدُواْ عَلَىٰ حَرۡثِكُمۡ إِن كُنتُمۡ صَٰرِمِينَ} (22)

وقوله تعالى : { أن اغدوا } ، أي : بكروا جداً مقبلين ومستولين وقادرين ، ويجوز أن تكون أن المفسرة لأنه تقدمها ما هو بمعنى القول { على حرثكم } ، أي : محل فائدتكم الذي أصلحتموه وتعبتم فيه فلا يستحقه غيركم ، قال مقاتل : لما أصبحوا قال بعضهم لبعض : اغدوا على حرثكم يعني بالحرث الثمار والزروع والأعناب ، ولذلك قال : صارمين لأنهم أرادوا قلع الثمار من الأشجار .

قال الزمخشري : فإن قلت : هلا قال : اغدوا إلى حرثكم وما معنى على ؟ قلت : لما كان الغدو إليه ليصرموه ويقطعوه كان غدواً عليه كما تقول : غدا عليهم العدو . قال الزمخشري : ويجوز أن يضمن الغدو معنى الإقبال ، أي : فأقبلوا على حرثكم . { إن كنتم صارمين } أي : مريدين القطع ، وجواب الشرط دل عليه ما قبله ، أي : فاغدوا ، ويجوز أن تكون أن المصدرية ، أي : تنادوا بهذا الكلام .

تنبيه : مقتضى كلام الزمخشري أن غدا متعدّ في الأصل بإلى فاحتاج إلى تأويل فقدره بعلى ، قال ابن عادل : وفيه نظر لورود تعديه بعلى في غير موضع كقوله :

وقد أغدوا على ثبة كرامٍ *** نشاوى واجدين لما نشاء

وإذا كانوا قد عدوا مرادفه بعلى فليعدوه ، وقرأ : أن اغدوا أبو عمرو وعاصم وحمزة في الوصل بكسر النون والباقون بضمها واتفقوا على الابتداء بالهمزة بالضم .