الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{أَنِ ٱغۡدُواْ عَلَىٰ حَرۡثِكُمۡ إِن كُنتُمۡ صَٰرِمِينَ} (22)

قوله : { أَنِ اغْدُواْ } : يجوزُ أَنْ تكونَ المصدريَّةَ ، أي : تنادَوْا بهذا الكلامِ ، وأَنْ تكونَ المفسِّرة ؛ لأنَّه تقدَّمها ما هو بمعنى القولِ . قال الزمخشريُّ : " فإنْ قلتَ : هلا قيل : اغْدُوا إلى حَرْثِكم وما معنى " على " ؟ قلت : لَمَّا كان الغُدُوُّ إليهِ ليَصْرِمُوه ويَقْطعوه كان غُدُوَّا عليه ، كما تقول : غدا عليهم العدوُّ . ويجوزُ أن يُضَمَّنَ الغُدُوُّ معنى الإِقبالِ كقولِهم : " يُغْدَى عليهم بالجَفْنَة ويُراحُ " انتهى . فجعل " غدا " متعدياً في الأصل ب " إلى " فاحتاج إلى تأويل تعدِّيه ب " على " . وفيه نظرٌ لورود تَعَدِّيه ب " على " في غير موضع كقولِه :

وقد أَغْدُو على ثُبَةٍ كِرامٍ *** نَشاوى واجِدين لِما نشاءُ

/ وإذا كانوا قد عَدَّوْا مرادِفَه ب " على " فَلْيُعَدُّوه بها ، ومرادِفُهُ " بَكَرَ " تقول : بَكَرْتُ عليه ، وغَدَوْتُ عليه بمعنىً واحدٍ . قال :

بَكَرْتُ عليه غُدْوَةً فَرَأَيْتُه *** قُعُوداً لديهِ بالصَّريمِ عَواذِلُهْ

و { إِن كُنتُمْ صَارِمِينَ } جوابُه محذوفٌ ، أي : فاغدُوْا . وصارمين : قاطعين جاذِّين . وقيل : ماضِين في العَزْمِ ، مِنْ قولِك : سيفٌ صارِمٌ .