{ وَلاَ تَحَآضُّونَ على طَعَامِ المسكين } أى : ولا يحث بعضكم بعضا على إطعام المساكين والبائسين .
ونفى الحض على إطعامهم ، نفى لإِطعامهم من باب أولى ، وفى ذلك زيادة لمذلتهم ، لأنهم لا يطعمون ، ولا يحضون غيرهم عليه ، لأنهم قوم خلت قلوبهم من الرحمة والعطف .
قال الآلوسى : قوله - سبحانه - : { بَل لاَّ تُكْرِمُونَ اليتيم } أى : لا تعطفون على اليتيم وهو الذى مات أبوه وهو صغير ، بأن تتركوه معرضا للفقر والاحتياج ، دون أن تعملوا على تقديم يد المساعدة إليه .
{ وَلاَ تَحَآضُّونَ على طَعَامِ المسكين } أى : ولا يحث بعضكم بعضا على إطعام المساكين والبائسين .
ونفى الحض على إطعامهم ، نفى لإِطعامهم من باب أولى ، وفى ذلك زيادة لمذلتهم ، لأنهم لا يطعمون ، ولا يحضون غيرهم عليه ، لأنهم قوم خلت قلوبهم من الرحمة والعطف .
قال الآلوسى : قوله - سبحانه - : { بَل لاَّ تُكْرِمُونَ اليتيم . . } إلخ . انتقال وترق من ذم هذا الإِنسان على القبيح من القول ، إلى الأقبح من الفعل ، والالتفات إلى الخطاب ، لتشديد التقريع ، وتأكيد التشنيع . . والجمع باعتبار معنى الإِنسان ، إذ المراد الجنس . أى : بل لكم أفعال وأحوال أشد شرا مما ذكر ، وأدل على تهالككم على المال ، حيث أكرمكم - سبحانه - بكثرة المال ، ولكنكم لم تؤدوا ما يلزمكم فيه من إكرام اليتيم .
والمراد بطعام المسكين : إطعامه ، فالطعام مصدر بمعنى الإِطعام . . أو المراد به : الشئ المطعوم ، ويكون الكلام على حذف مضاف . أى : على بذل طعام المسكين . .
وقرأ ابن كثير وابن عامر «يحضون » بمعنى : يحض بعضهم بعضاً أو تحضون أنفسكم ، وقرأ عاصم وحمزة والكسائي «تحاضون » بفتح التاء بعنى تتحاضون ، أي يحض قوم قوماً ، وقرأ أبو عمرو و «يحضون » بياء من تحت مفتوحة وبغير ألف ، وقرأ عبد الله بن المبار : «تُحاضون » بضم التاء على وزن تقاتلون ، أي أنفسكم أي بعضكم بعضاً ورواها الشيرزي عن الكسائي ، وقد يجيء فاعلت بمعنى فعلت وهذا منه ، وإلى هذا ذهب أبو علي وأنشد :
تحاسنت به الوشى{[11802]} . . . قرات الرياح وخوزها
أي حسنت وأنشد أيضاً : [ الرجز ]
إذا تخازرت وما بي من خزر{[11803]} . . . ويحتمل أن تكون مفاعلة ، ويتجه ذلك على رجف{[11804]} فتأمله ، وقرأ الأعمش «تتحاضون » بتاءين ، و { طعام } في هذه الآية بمعنى إطعام ، وقال قوم أراد نفس طعامه الذي يأكل ، ففي الكلام حذف تقديره على بدل { طعام المسكين } .
ونفي الحَض على طعام المسكين نفي لإطعامه بطريق الأولى ، وهي دلالة فحوى الخطاب ، أي لقلّة الاكتراث بالمساكين لا ينفعونهم ولو نفْعَ وساطة ، بَلْهَ أن ينفعوهم بالبذل من أموالهم .
و { طعام } يجوز أن يكون اسماً بمعنى المطعوم ، فالتقدير : ولا تحضون على إعطاء طعام المسكين فإضافته إلى المسكين على معنى لام الاستحقاق ويجوز أن يكون اسم مصدر أطعم . والمعنى : ولا تحضون على إطعام الأغنياء المساكينَ فإضافته إلى المسكين من إضافة المصدر إلى مفعوله .
و { المسكين } : الفقير وتقدم في سورة براءة .
وقد حصل في الآية احتباك لأنهم لما نُفِي إكرامهم اليتيم وقوبل بنفي أن يحضُّوا على طعام المسكين ، عُلم أنهم لا يحضون على إكرام أيتامهم ، أي لا يحضون أولياء الأيتام على ذلك ، وعلم أنهم لا يطعمون المساكين من أموالهم .
ويجوز أن يكون الحض على الطعام كناية عن الإِطعام لأن من يحض على فعل شيء يكون راغباً في التلبس به فإذا تمكن أن يفعله فعله ، ومنه قوله تعالى : { وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر } [ العصر : 3 ] أي عملوا بالحق وصبروا وتواصوا بهما .
وقرأ الجمهور : « لا تُكرمون ، ولا تَحضون ، وتأكلون ، وتُحبون » بالمثناة الفوقية على الخطاب بطريقة الالتفات من الغيبة في قوله : { فأما الإنسان إذا ما ابتلاه ربه } الآيات لقصد مواجهتهم بالتوبيخ ، وهو بالمواجهة أوقع منه بالغيبة . وقرأها أبو عمرو ويعقوب بالمثناة التحتية على الغيبة لتعريف النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين بذلك فضحاً لدخائلهم على نحو قوله تعالى : { يقول أهلكت مالاً لبداً أيحسب أن لم يره أحد } [ البلد : 6 ، 7 ] .
وقرأ الجمهور : { ولا تحضُّون } بضم الحاء مضارع حضّ ، وقرأه عاصم وحمزة والكسائي وأبو جعفر وخلف { تَحَاضُّون } بفتح الحاء وألف بعدها مضارع حاضّ بعضهم بعضاً ، وأصله تتحاضّون فحذفت إحدى التاءين اختصاراً للتخفيف أي تتمالؤون على ترك الحض على الإطعام .