الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{وَلَا تَحَـٰٓضُّونَ عَلَىٰ طَعَامِ ٱلۡمِسۡكِينِ} (18)

قوله : { تُكْرِمُونَ } : قرأ أبو عمرو هذا والثلاثةَ بعدَه بياء الغَيْبة حَمْلاً على معنى الإِنسانِ المتقدِّمِ/ إذ المرادُ به الجنسُ ، والجنسُ في معنى الجَمْعِ ، والباقون بالتاء في الجميع خطاباً للإِنسانِ المرادِ به الجنسُ على طريقِ الالتفاتِ . وقرأ الكوفيون " تَحاضُّون " والأصلُ : تتحاضُّون ، فحذف إحدى التاءَيْن ، أي : لا يَحُضُّ بعضُكم بعضاً . ورُوي عن الكسائي " تُحاضُّون " بضم التاءِ ، وهي قراءةُ زيدِ ابن علي وعلقمةَ ، أي : تُحاضُّون أنفسَكم . والباقون " تَحُضُّون " مِنْ حَضَّه على كذا ، أي : أغْرَاه به . ومفعولُه محذوفٌ ، أي : لا تَحُضُّون أنفسَكم ولا غيرَها . ويجوز أَنْ لا يُقَدَّرَ ، أي : لا تُوْقِعون الحَضَّ .

قوله : { عَلَى طَعَامِ } : متعلِّقٌ بتحاضُّون . و " طعام " يجوزُ أَنْ يكونَ على أصلِه مِنْ كونِه اسماً للمطعومِ . ويكون على حَذْفِ مضافٍ ، أي : على بَذْلِ ، أو على إعطاءِ طعامٍ ، وأَنْ يكونَ اسمَ مصدرٍ بمعنى الإِطعام ، كالعطاء بمعنى الإِعطاء ، فلا حَذْفَ حينئذٍ .