قوله تعالى : { ألم تر أنهم في كل واد } من أودية الكلام ، { يهيمون } جائرون وعن طريق الحق جائرون ، والهائم : الذاهب على وجهه لا مقصد له . قال ابن عباس رضي الله عنهما في هذه الآية : في كل لغو يخوضون . وقال مجاهد : في كل فن يفتنون . وقال قتادة : يمدحون بالباطل ويستمعون ويهجون بالباطل ، فالوادي مثل لفنون الكلام ، كما يقال : أنا في واد وأنت في واد . وقيل : { في كل واد يهيمون } أي : على كل حرف من حروف الهجاء يصوغون .
وقوله - تعالى - : { أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لاَ يَفْعَلُونَ } تأكيد لما قبله ، من كون الشعراء يتبعهم الغاوون . والخطاب لكل من تتأتى منه الرؤية والمعرفة .
والوادى : هو المكان المتسع . والمراد به هنا : فنون القول وطرقه .
ويهيمون : من الهيام وهو أن يذهب المرء على وجهه دون أن يعرف له جهة معينة يقصدها .
يقال : هام فلان على وجهه ، إذا لم يكن له مكان معين يقصده . والهيام داء يستولى على الإبل فيجعلها تشرد عن صاحبها بدون وقوف فى مكان معين ، ومنه قوله - تعالى - : { فَشَارِبُونَ شُرْبَ الهيم } أى : الجمال العطاش الشاردة .
والمعنى : ألم تر - أيها العاقل - أن هؤلاء الشعراء فى كل فن من فنون الكذب فى الأقوال يخوضون ، وفى كل فج من فجاج الباطل والعبث والفحش يتكلمون ، وأنهم فوق ذلك يقولون مالا يفعلون ، فهم يحضون غيرهم على الشىء ولا يفعلونه ، وهم يقولون فعلنا كذا وفعلنا كذا - على سبيل التباهى والتفاخر - مع أنهم لم يفعلوا .
قال صاحب الكشاف : ذكر الوادى والهيوم : فيه تمثيل لذهابهم فى كل شعب من القول واعتسافهم وقلة مبالاتهم بالغلو فى المنطق ومجاوزة حد القصد فيه ، حتى يفضلوا أجبن الناس على عنترة وأشحهم على حاتم ، وأن يبهتوا البرىء ، ويفسقوا التقى .
وقوله : { أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ } : قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : في كل لغو يخوضون .
وقال الضحاك عن ابن عباس : في كل فن من الكلام . وكذا قال مجاهد وغيره .
وقال الحسن البصري : قد - والله - رأينا أوديتهم التي يهيمون فيها ، مرة في شتمة{[21928]} فلان ، ومرة في مدحة{[21929]} فلان .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.