الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{أَلَمۡ تَرَ أَنَّهُمۡ فِي كُلِّ وَادٖ يَهِيمُونَ} (225)

قوله : { يَهِيمُونَ } : يجوزُ أنْ تكون هذه الجملةُ خبرَ " أنَّ " . وهذا هو الظاهرُ ؛ لأنَّه مَحَطُّ الفائدةِ . و " في كل وادٍ " متعلقٌ به . ويجوزُ أَنْ يكونَ " في كل وادٍ " هو الخبرَ ، و " يهيمون " حالٌ من الضميرِ في الخبر . والعاملُ ما تَعَلَّق به هذا الخبرُ أو نفسُ الجارِّ ، كما تقدَّم في نظيرِه غيرَ مرة . ويجوزُ أَنْ تكونَ الجملةُ خبراً بعد خبرٍ عند مَنْ يرى تعدُّدَ الخبرَ مطلقاً وهذا من بابِ الاستعارةِ البليغةِ والتمثيلِ الرائعِ ، شبَّه جَوَلانَهم في أفانينِ القولِ وطرائقِ المدحِ والذمِّ والتشبيهِ وأنواعِ الشعرِ بِهَيْمِ الهائمِ في كلِّ وادٍ وطريقٍ .

والهائِمُ : الذي يَخْبِط في سَيْرِه ولا يَقْصِدُ موضعاً معيَّناً . هام على وجهه : أي ذَهَبَ . والهائِمُ : العاشِقُ من ذلك . والهيمانُ : العَطْشانُ . الهُيام : داءُ يأخذُ الإِبلَ من العطشِ . وجمل أَهْيَمُ ، وناقةٌ هَيْماءُ . والجمع فيهما : هِيم . قال تعالى : { فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ } [ الواقعة : 55 ] . والهَيام من الرَّمْلِ : اليابسُ كأنهم تَخَيَّلُوا فيه معنى العطشِ .