محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{أَلَمۡ تَرَ أَنَّهُمۡ فِي كُلِّ وَادٖ يَهِيمُونَ} (225)

قوله تعالى : { أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ } استشهاد على أن الشعراء إنما يتبعهم الغاوون ، وتقرير له . أي ألم تر أنهم في كل واد من أودية الخيال يهيمون على وجوههم ، لا يقفون عند حد معين ، بل يركبون للباطل والكذب وفضول القول كل مركب . ديدنهم الهجاء ، وتمزيق الأعراض ، والقدح في الأنساب ، والنسيب {[5950]}بالحرم والغزل والابتهار . ومدح من لا يستحق المدح ، والغلو في الثناء والهجاء .

لطيفة :

في ذكر الوادي والهيام ، تمثيل لذهابهم في شعب القول وفنونه وطرقه وشجونه . قال ابن الأثير : استعار الأودية للفنون والأغراض من المعاني الشعرية التي يقصدونها . وإنما خص الأودية بالاستعارة ، ولم يستعر اسم الطرق والمسالك ، أو ما جرى مجراها – لأن معاني الشعر تستخرج بالفكرة والروية ، والفكرة والروية فيهما خفاء وغموض ، فكان استعارة الأودية لها أشبه وأليق .


[5950]:النسيب: ذكر محاسن الحسان، وإظهار العشق والهيام بها. والغزل: التغزل وذكر صفات النساء، وذكر الميل لهن, والابتهار: الكذب بادعاء الوصول إلى محبوبته. 1 هـ خفاجي.