{ وَحُصِّلَ مَا فِي الصدور } أى : وجمع ما في القلوب من خير وشر ، وأظهر ما كانت تخفيه ، وأبرز ما كان مستورا فيها ، بحيث لا يبقى لها سبيل إلى الإِخفاء أو الكتمان .
وأصل التحصيل : إخراج اللب من القشر ، والمراد به هنا : إظهار وإبراز ما كانت تخفيه الصدور ، والمجازاة على ذلك . ومفعول { يعلم } محذوف ، لتذهب النفس فيه كل مذهب ، ويجول الفكر فى استحضاره وتقديره .
وتحصيل لأسرار الصدور التي ضنت بها وخبأتها بعيدا عن العيون . تحصيل بهذا اللفظ العنيف القاسي . . فالجو كله عنف وشدة وتعفير !
أفلا يعلم إذا كان هذا ? ولا يذكر ماذا يعلم ? لأن علمه بهذا وحده يكفي لهز المشاعر . ثم ليدع النفس
تبحث عن الجواب ، وترود كل مراد ، وتتصور كل ما يمكن أن يصاحب هذه الحركات العنيفة من آثار وعواقب !
وقوله : { وَحُصّلَ ما فِي الصّدُورِ } يقول : ومُيّز وبُيّن ، فأبرز ما في صدور الناس من خير وشرّ . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثني عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : { وَحُصّلَ ما في الصّدُورِ } يقول : أُبرز .
حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان { وَحُصّلَ ما فِي الصّدُورِ } يقول : مُيّز .
و { تحصيل ما في الصدور } : تمييزه وكشفه ليقع الجزاء عليه من إيمان وكفر ونية ، ويفسره قول النبي صلى الله عليه وسلم : " فيبعثون على نياتهم " {[11956]} ، وقرأ يحيى بن يعمر ونصر بن عاصم بفتح الحاء والصاد .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
من الخير والشر ، يعني تميز ما في القلب . ...
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
يقول : ومُيّز وبُيّن ، فأبرز ما في صدور الناس من خير وشرّ . ...
جهود الإمام الغزالي في التفسير 505 هـ :
- أي يعرض عليها حاصلها ، أي روحها وحقيقتها . ( كتاب الأربعين في أصول الدين : 222 )...
الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :
وحصل : على بنائهما للفاعل . وحصل : بالتخفيف . ومعنى ( حصلّ ) جمع في الصحف ، أي : أظهر محصلاً مجموعاً . وقيل : ميز بين خيره وشره ... ومعنى علمه بهم يوم القيامة : مجازاته لهم على مقادير أعمالهم ؛ لأنّ ذلك أثر خبره بهم .
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :
تمييزه وكشفه ليقع الجزاء عليه من إيمان وكفر ونية...
وقال الليث : الحاصل من كل شيء ما بقي وثبت وذهب سواه ، والتحصيل تمييز ما يحصل، والاسم الحصيلة ....
إن كثيرا ما يكون باطن الإنسان بخلاف ظاهره ، أما في يوم القيامة فإنه تتكشف الأسرار وتنتهك الأستار ، ويظهر ما في البواطن ، كما قال : {يوم تبلى السرائر}. واعلم أن حظ الوعظ منه أن يقال : إنك تستعد فيما لا فائدة لك فيه ، فتبني المقبرة وتشتري التابوت ، وتفصل الكفن ، وتغزل العجوز الكفن ، فيقال : هذا كله للديدان ، فأين حظ الرحمن !
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
ولما كان المخوف إنما هو ما يتأثر عن البعث من الجزاء على الأعمال الفاسدة قال : { وحصل } أي أخرج وميز وجمع فعرف أنه معلوم كله بغاية السهولة كما أشار البناء للمفعول { ما في الصدور } أي من خير أو شر مما يظن مضمره أنه لا يعلمه أحد أصلاً ، وظهر مكتوباً في صحائف الأعمال ، وهذا يدل على أن النيات يحاسب بها كما يحاسب على ما يظهر من آثارها . ...
في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :
وتحصيل لأسرار الصدور التي ضنت بها وخبأتها بعيدا عن العيون . تحصيل بهذا اللفظ العنيف القاسي . . فالجو كله عنف وشدة وتعفير !
أفلا يعلم إذا كان هذا ? ولا يذكر ماذا يعلم ? لأن علمه بهذا وحده يكفي لهز المشاعر . ثم ليدع النفس
تبحث عن الجواب ، وترود كل مراد ، وتتصور كل ما يمكن أن يصاحب هذه الحركات العنيفة من آثار وعواقب !
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :
وانكشف ما في نفسه من كفر وإيمان ، ورياء وإخلاص ، وغرور وتواضع ، وسائر نيات الخير والشر .