هنا ينطلق صوت التحميد لله والتمجيد الانطلاقة الأخيرة في السورة بعد هذا المشهد المؤثر العميق :
( فلله الحمد . رب السماوات . ورب الأرض . رب العالمين . وله الكبرياء في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم ) . .
ينطلق صوت التحميد . يعلن وحدة الربوبية في هذا الوجود . سمائه وأرضه . وإنسه وجنه . وطيره ووحشه . وسائر ما فيه ومن فيه . فكلهم في رعاية رب واحد يدبرهم ويرعاهم وله الحمد على الرعاية والتدبير .
{ فَلِلّهِ الْحَمْدُ رَبّ السّمَاوَتِ وَرَبّ الأرْضِ رَبّ الْعَالَمِينَ * وَلَهُ الْكِبْرِيَآءُ فِي السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَهُوَ الْعِزِيزُ الْحَكِيمُ } .
يقول تعالى ذكره : فَلِلّهِ الحَمْدُ على نِعمه وأياديه عند خلقه ، فإياه فاحمدوا أيها الناس ، فإن كلّ ما بكم من نعمة فمنه دون ما تعبدون من دونه من آلهة ووثن ، ودون ما تتخذونه من دونه رباً ، وتشركون به معه ، رَبّ السّمَوَاتِ وَرَبّ الأرْضِ ، يقول : مالك السموات السبع ، ومالك الأرضين السبع و رَبّ العالَمِينَ يقول : مالك جميع ما فيهنّ من أصناف الخلق .
الفاء لتفريع التحميد والثناء على الله تفريعاً على ما احتوت عليه السورة من ألطاف الله فيما خلق وأرشد وسخر وأقام من نُظم العدالة ، والإنعام على المسلمين في الدنيا والآخرة ، ومن وعيد للمعرضين واحتجاج عليهم ، فلما كان ذلك كله من الله كان دالاً على اتّصافه بصفات العظمة والجلال وعلى إفضاله على الناس بدين الإسلام كان حقيقاً بإنشاء قصر الحمد عليه فيجوز أن يكون هذا الكلام مراداً منه ظاهر الإخبار ، ويجوز أن يكون مع ذلك مستعملاً في معناه الكنائي وهو أمر الناس بأن يقصروا الحمد عليه . ويجوز أن يكون إنشاء حمدٍ لله تعالى وثناء عليه . وكل ما سبقه من آيات هذه السورة مقتض للوجوه الثلاثة ، ونظيره قوله تعالى : { فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله ربّ العالمين } في سورة الأنعام ( 45 ) .
وتقديم ( لله ) لإفادة الاختصاص ، أي الحمد مختص به الله تعالى يعني الحمد الحق الكامل مختص به تعالى كما تقدم في سورة الفاتحة .
وإجراء وصف { رب السموات } على اسمه تعالى إيماء إلى علّة قصر الحمد على الله إخباراً وإنشاءً تأكيداً لما اقتضته الفاء في قوله : { فللَّه الحمد } . وعُطف { وربّ الأرض } بتكرير لفظ { رب } للتنويه بشأن الربوبية لأن رب السماوات والأرض يحق حمده على أهل السماء والأرض ، فأما أهل السماء فقد حمدوه كما أخبر الله عنهم بقوله : { والملائكةُ يسبحون بحمد ربّهم } [ الشورى : 5 ] . وأما أهل الأرض فمن حمده منهم فقد أدى حق الربوبية ومن حمد غيره وأعرض عنه فقد سجل على نفسه سِمة الإباق ، وكان بمأوَى النار محَلّ استحقاق .
ثم أتبع بوصف { رب العالمين } وهم سكان السماوات والأرض تأكيداً لكونهم محقوقين بأن يحمدوه لأنه خالق العوالم التي هم منتفون بها وخالق ذواتهم فيها كذلك .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.