68- فيهما فاكهة من صنوف مختلفة ونخل ورمان{[216]} .
قوله تعالى : { فبأي آلاء ربكما تكذبان* فيهما فاكهة ونخل ورمان } قال بعضهم : ليس النخل والرمان من الفاكهة والعامة على أنها من الفاكهة ، وإنما أعاد ذكر النخل والرمان وهما من جملة الفواكه للتخصيص والتفصيل ، كما قال تعالى : { من كان عدواً لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال }( البقرة-98 ) .
أخبرنا أبو محمد بن عبد الله بن أبي توبة ، أنبأنا أبو طاهر محمد بن أحمد بن الحارث ، أنبأنا محمد بن يعقوب الكسائي ، أنبأنا عبد الله بن محمود ، أنبأنا إبراهيم ابن عبد الله الخلال ، أنبأنا عبد الله بن المبارك ، عن سفيان ، عن حماد ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : نخل الجنة جذوعها زمرد أخضر ، وورقها ذهب أحمر ، وسعفها كسوة لأهل الجنة فيها مقطعاتهم وحللهم ، وثمرها أمثال القلال أو الدلاء أشد بياضاً من اللبن وأحلى من العسل وألين من الزبد ليس له عجم .
{ فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ } وعطف - سبحانه - النخل والرمان على الفاكهة مع أنهما منهما ، لفضلهما ، فكأنهما لما لهما من المزية جنسان آخران .
أو - كما يقول صاحب الكشاف - : لأن النخل ثمره فاكهة وطعام ، والرمان فاكهة ودواء ، فلم يخلصا للتفكه ، ولذا قال أبو حنيفة - رحمه الله - إذا حلف لا يأكل فاكهة ، فأكل رمانا أو رطبا لم يحنث .
القول في تأويل قوله تعالى : { فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمّانٌ * فَبِأَيّ آلآءِ رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ * فِيهِنّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ * فَبِأَيّ آلآءِ رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ } .
يقول تعالى ذكره : وفي هاتين الجنتين المدهامّتين فاكهة ونخل ورمّان .
وقد اختلف في المعنى الذي من أجله أعيد ذكر النخل والرمان وقد ذُكر قبل أن فيهما الفاكهة ، فقال بعضهم : أعيد ذلك لأن النخل والرمان ليسا من الفاكهة .
وقال آخرون : هما من الفاكهة وقالوا : قلنا هما من الفاكهة ، لأن العرب تجعلهما من الفاكهة ، قالوا : فإن قيل لنا : فكيف أعيدا وقد مضى ذكرهما مع ذكر سائر الفواكه ؟ قلنا : ذلك كقوله : حافِظوا على الصّلَوَاتِ والصّلاةِ الوُسْطَى فقد أمرهم بالمحافظة على كلّ صلاة ، ثم أعاد العصر تشديدا لها ، كذلك أعيد النخل والرمّان ترغيبا لأهل الجنة . وقال : وذلك كقوله : أَلمْ تَرَ أنّ اللّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السّمَواتِ وَمَنْ فِي الأرْضِ ، ثم قال : وكَثِيرٌ مِنَ النّاس وكَثِيرٌ حَقّ عَلَيْهِ العذَابُ ، وقد ذكرهم في أوّل الكلمة في قوله : مَنْ فِي السّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأرْضِ .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن رجل ، عن سعيد بن جُبير ، قال : نخل الجنة جذوعها من ذهب ، وعروقها من ذهب ، وكرانيفها من زمرد ، وسعفها كسوة لأهل الجنة ، ورطبها كالدلاء ، أشدّ بياضا من اللبن ، وألين من الزبد ، وأحلى من العسل ، ليس له عَجَم .
قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن زيد بن أسلم ، عن وهب الذماري ، قال : بلغنا أن في الجنة نخلاً جذوعها من ذهب ، وكرانيفها من ذهب ، وجريدها من ذهب ، وسعفها كسوة لأهل الجنة ، كأحسن حلل رآها الناس قط ، وشماريخها من ذهب ، وعراجينها من ذهب ، وثفاريقها من ذهب ، ورطبها أمثال القِلال ، أشدّ بياضا من اللبن والفضة ، وأحلى من العسل والسكر ، وألين من الزّبد والسّمْن .
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
يقول تعالى ذكره: وفي هاتين الجنتين المدهامّتين فاكهة ونخل ورمّان. وقد اختلف في المعنى الذي من أجله أعيد ذكر النخل والرمان وقد ذُكر قبل أن فيهما الفاكهة؛ فقال بعضهم: أعيد ذلك لأن النخل والرمان ليسا من الفاكهة...
وقال آخرون: هما من الفاكهة، وقالوا: قلنا هما من الفاكهة، لأن العرب تجعلهما من الفاكهة، قالوا: فإن قيل لنا: فكيف أعيدا وقد مضى ذكرهما مع ذكر سائر الفواكه؟ قلنا: ذلك كقوله:"حافِظوا على الصّلَوَاتِ والصّلاةِ الوُسْطَى "فقد أمرهم بالمحافظة على كلّ صلاة، ثم أعاد العصر تشديدا لها، كذلك أعيد النخل والرمّان ترغيبا لأهل الجنة...
{فيهما فاكهة ونخل ورمان، فبأي آلاء ربكما تكذبان} فهو كقوله تعالى: {فيهما من كل فاكهة زوجان} وذلك لأن الفاكهة أرضية نحو البطيخ وغيره من الأرضيات المزروعات، وشجرية نحو النخل وغيره من الشجريات فقال: {مدهامتان} بأنواع الخضر التي منها الفواكه الأرضية وفيهما أيضا الفواكه الشجرية وذكر منها نوعين وهما الرمان والرطب لأنهما متقابلان فأحدهما حلو والآخر غير حلو، وكذلك أحدهما حار والآخر بارد، وأحدهما فاكهة وغذاء، والآخر فاكهة، وأحدهما من فواكه البلاد الحارة والآخر من فواكه البلاد الباردة، وأحدهما أشجاره في غاية الطول والآخر أشجاره بالضد وأحدهما ما يؤكل منه بارز ومالا يؤكل كامن، والآخر بالعكس فهما كالضدين والإشارة إلى الطرفين تتناول الإشارة إلى ما بينهما..