التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَٱلۡجِبَالَ أَرۡسَىٰهَا} (32)

وقوله - سبحانه - { أَخْرَجَ مِنْهَا مَآءَهَا وَمَرْعَاهَا . والجبال أَرْسَاهَا } بدل اشتمال من قوله { دحاها } ، أو بيان وتفسير لدحوها ، والمرعى : مصدر ميمى أطلق على المفعول ، كالخلق بمعنى المخلوق ، أى أخرج منها ما يُرْعَى .

أى : والأرض جعلها مستقرا لكم ، ومكانا لانتفاعكم ، بأن أخرج منها ماءها ، عن طريق تفجير العيون والآبار والبحار ، وأخرج منها { مرعاها } أى : جميع ما يقتات به الناس والدواب ، بدليل قوله - تعالى - بعد ذلك : { مَتَاعاً لَّكُمْ وَلأَنْعَامِكُمْ } .

وكذلك من مظاهر قدرته - تعالى- ورحمته بكم ، أنه أثبت الجبال فى الأرض حتى لا تميد أو تضطرب ، فالمقصود بإرسال الجبال : تثبيتها فى الأرض .

وقوله - تعالى - : { مَتَاعاً لَّكُمْ وَلأَنْعَامِكُمْ } بيان لوجه المنة فى خلق الأرض على هذه الطريقة البديعة .

والمتاع : اسم لما يتمتع به الإِنسان من منافع الحياة الدنيا لمدة محدودة من الزمان ، وانتصب لفظ " متاعا " هنا بفعل مقدر من لفظه ، أى : متعناكم متاعا .

والمعنى : دحونا الأرض ، وأخرجنا منها ماءها ومرعاها . . لتكون موضع منفعة لكم ، تتمتعون بخيراتها أنتم وأنعامكم ، إلى وقت معين من الزمان ، تتركونها النتهاء أعماركم .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَٱلۡجِبَالَ أَرۡسَىٰهَا} (32)

والجبال أرساها أثبتها وقرئ والأرض والجبال بالرفع على الابتداء وهو مرجوع لأن العطف على فعلية

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَٱلۡجِبَالَ أَرۡسَىٰهَا} (32)

وقرأ الجمهور : و «الجبالَ » نصباً ، وقرأ الحسن وعمرو بن عبيد : «والجبالُ » رفعاً ، و { أرساها } معناه : أثبتها

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَٱلۡجِبَالَ أَرۡسَىٰهَا} (32)

ونَصب { والجبال } يجوز أن يكون على طريقة نصب { والأرض بعد ذلك دحاها } ويجوز أن يكون عطفاً على { ماءها ومرعاها } ويكون المعنى : وأخرج منها جبالها ، فتكون ( ال ) عوضاً عن المضاف إليه مثل { فإن الجنة هي المأوى } [ النازعات : 41 ] أي مأوى من خافَ مقام ربه فإن الجبال قطع من الأرض ناتئة على وجه الأرض .

وإرساء الجبال : إِثباتُها في الأرض ، ويقال : رست السفينة ، إذا شُدّت إلى الشاطىء فوقفت على الأَنْجَرِ ، ويوصف الجبل بالرسوّ حقيقة كما في « الأساس » ، قال السموأل أو عبد الملك بن عبد الرحيم يذكر جبلهم :

رسَا أصلُه فوق الثرى وسمَا به *** إلى النجم فَرع لا يُنال طويل

وإثبات الجبال : هو رسوخها بتغلْغُل صخورها وعروق أشجارها لأنها خلقت ذات صخور سائخة إلى باطن الأرض ولولا ذلك لزعزعتها الرياح ، وخُلقت تتخلّلها الصخور والأشجار ولولا ذلك لتهيلت أتربتها وزادها في ذلك أنها جُعلت أحجامها متناسبة بأن خلقت متسعة القواعد ثم تتصاعد متضائقة .

ومن معنى إرسائها : أنها جعلت منحدرة ليتمكن الناس من الصعود فيها بسهولة كما يتمكن الراكب من ركوب السفينة الراسية ولو كانت في داخل البحر ما تمكن الراكب من ركوبها إلا بمشقة .