ثم انتقتل السورة الكريمة إلى بيان الدليل الثانى على صحة البعث وإمكانيته . فقال - تعالى - : { أَفَرَأَيْتُم مَّا تَحْرُثُونَ أَأَنتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزارعون لَوْ نَشَآءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَاماً فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ إِنَّا لَمُغْرَمُونَ بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ } .
والحرث : شق الأرض من أجل زراعتها ، والمراد به هنا : وضع البذر فيها بعد حرثها .
أى : أخبرونى عن البذور التى تلقون بها فى الأرض بعد حرثها ، أأنتم الذين تنبتونها وتصيرونها زرعا بهيجا نضرا أم نحن الذين نفعل ذلك ؟ لا شك أنا نحن الذين نصير هذه البذور زروعا ونباتا يانعا ، ولو نشاء لجعلنا هذا النبات { حُطَاماً } أى مكسرا مهشما يابسا لا نفع فيه ، فظللتم بسبب ذلك { تَفَكَّهُونَ } أى : فصرتم بسبب ما أصاب زرعكم من هلاك ، تتعجبون مما أصابه ، وتتحسرون على ضياع أموالكم ، وتندمون على الجهد الذى بذلتموه من غير فائدة . . .
وأصل التفكه : التنقل فى الأكل من فاكهة إلى أخرى ، ثم استعير للتنقل من حديث إلى آخر ، وهو هنا ما يكون من أحاديثهم المتنوعة بعد هلاك الزرع .
والمراد بالتفكه هنا : التعجب والندم والتحسر على ما أصابهم .
وقوله - سبحانه - : { إِنَّا لَمُغْرَمُونَ } مقول لقول محذوف . أى : فصرتم بسبب تحطيم زروعكم تتعجبون ، وتقولون على سبيل التحسر : إنا لمهلكون بسبب هلاك أقواتنا ، من الغرام بمعنى الهلاك . أو إنا لمصابون بالغرم والاحتياج والفقر ، بسبب ما أصاب زرعنا . من الغرم وهو ذهاب المال بلا مقابل .
يقول : { . أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ } ؟ وهو شق الأرض وإثارتها والبذر فيها ،
{ أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ } أي : تنبتونه في الأرض { أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ } أي : بل نحن الذين نُقِرُّه قراره وننبته في الأرض .
قال ابن جرير : وقد حدثني أحمد بن الوليد القرشي ، حدثنا مسلم بن أبي مسلم الجَرْمي ، حدثنا مخلد بن الحسين ، عن هشام ، عن محمد ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تقولن : زرعتُ ، ولكن قل : حرثتُ " قال أبو هريرة : ألم تسمع إلى قوله : { أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ . أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ } .
ورواه البزار ، عن محمد بن عبد الرحيم ، عن مسلم ، الجميع به{[28134]} .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا موسى بن إسماعيل ، حدثنا حماد ، عن عطاء ، عن أبي عبد الرحمن : لا تقولوا : زرعنا ولكن قولوا : حرثنا .
وروي عن حُجْر المدَرِيّ أنه كان إذا قرأ : { أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ } وأمثالها يقول : بل أنت يا رب .
وقوله : أفَرأيْتُمْ ما تَحْرُثُونَ يقول تعالى ذكره : أفرأيتم أيها الناس الحرث الذي تحرثونه أأنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أمْ نَحْنُ الزّارِعُونَ يقول : أأنتم تصيرونه زرعا ، أم نحن نجعله كذلك ؟ وقد :
حدثني أحمد بن الوليد القرشي ، قال : حدثنا مسلم بن أبي مسلم الحرميّ ، قال : حدثنا مخلد بن الحسين ، عن هاشم ، عن محمد ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لا تَقُولَنّ زَرَعْتُ وَلَكِنْ قُلْ حَرَثْتُ » قال أبو هريرة ألم تسمع إلى قول الله : «أفُرأيْتُمْ ما تَحْرُثُونَ ءأنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أمْ نَحْنُ الزّارِعُونَ ؟ » .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.