وقوله : { والنخل } معطوف على { جَنَّاتٍ } ، و { بَاسِقَاتٍ } حال من النخل . ومعنى " باسقات " مرتفات ، من البسوق بمعنى الارتفاع والعلو . يقال : بسق فلان على أصحابه - من باب دخل - إذا فاقهم وزاد عليهم فى الفضل .
والنخل : اسم جنس يذكر ويؤنث ويجمع . وخص بالذكر مع أنه من جملة ما اشتملت عليه الجنات ، لمزيد فضله وكثرة منافعه .
وجملة { لَّهَا طَلْعٌ نَّضِيدٌ } فى محل نصب على الحال من النخل .
والطلع : أول ما يخرج من ثمر الخل . ويسمى الكُفُرَّى . يقال : طلع الطلع طلوعا . إذا كان فى أول ظهوره .
والنضيد : بمعنى المنضود ، أى : المتراكب بعضه فوق بعض مأخوذ من نضد فلان المتاع ينضده ، إذا رتبه ترتيبا حسنا .
أى : وأنبتنا - أيضا - فى الأرض بعد إنزالنا الماء عليها من السحاب ، النخل الطوال ، الزاخر بالثمار الكثيرة التى ترتب بعضها على بعض بطريقة جميلة . .
و : { باسقات } معناه : طويلات ذاهبات في السماء ، ومنه قول ابن نوفل في ابن هبيرة : [ مجزوء الكامل مرفّل ]
يا ابن الذين لمجدهم . . . بسقت على قيس فزارهْ{[10520]}
وروى قطبة بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قرأ : «باصقات » بالصاد{[10521]} ، قال أبو الفتح الأصل : السين وإنما الصاد بدل منه ، لاستعلاء القاف . و «الطلع » أول ظهور التمر في الكفرى{[10522]} وهو أبيض منضد كحب الرمان . فما دام ملتصقاً بعضه ببعض فهو { نضيد } ، فإذا خرج من الكفرى تفرق فليس بنضيد .
خص النَخلُ بالذكر مع تناول جنات له لأنه أهم الأشجار عندهم وثمره أكثر أقواتهم ، ولإتباعه بالأوصاف له ولِطلعه مما يثير تذكر بديع قوامه ، وأنيق جماله .
والباسقات : الطويلات في ارتفاع ، أي عاليات فلا يقال : باسق للطويل الممتد على الأرض .
وعن ابن شداد : الباسقات الطويلات مع الاستقامة . ولم أره لأحد من أيمة اللغة . ولعلّ مراده من الاستقامة الامتداد في الارتفاع . وهو بالسين المهملة في لغة جميع العرب عدا بني العنبر من تميم يُبدلون السين صاداً في هذه الكلمة . قال ابن جنيّ : الأصل السين وإنما الصاد بدل منها لاستعلاء القاف . وروى الثعلبي عن قطبة بن مالك أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الصبح قرأها بالصاد . ومثله في ابن عطية وهو حديث غير معروف . والذي في « صحيح مسلم » وغيره عن قطبة بن مالك مروية بالسين . ومن العجيب أن الزمخشري قال : وفي قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم باصقات . وانتصب { باسقات } على الحال . والمقصود من ذلك الإيماء إلى بديع خلقته وجمال طلعته استدلالاً وامتناناً .
والطلع : أول ما يظهر من ثمر التمر ، وهو في الكُفُرَى ، أي غلاف العنقود .
والنضيد : المنضود ، أي المصفّف بعضه فوق بعض ما دام في الكُفُرَى فإذا انشق عنه الكُفرى فليس بنضيد . فهو معناه بمعنى مفعول قال تعالى : { وطلح منضود } [ الواقعة : 29 ] .
وزيادة هذه الحال للازدياد من الصفات الناشئة عن بديع الصنعة ومن المنة بمحاسن منظر ما أوتوه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.