قوله تعالى : { وفعلت فعلتك التي فعلت } يعني : قتل القبطي ، { وأنت من الكافرين } قال الحسن والسدي يعني : وأنت من الكافرين بإلهك الذي تدعيه ومعناه . على ديننا هذا الذي نعيبه . وقال أكثر المفسرين : معنى قوله : وأنت من الكافرين ، يعني : من الجاحدين لنعمتي وحق تربيتي ، يقول ربيناك فينا فكافأتنا أن قتلت منا نفساً ، وكفرت بنعمتنا . وهذا رواية العوفي عن ابن عباس ، وقال : إن فرعون لم يكن يعلم ما الكفر بالربوبية .
{ وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ التي فَعَلْتَ } وهى قتلك لرجل من شيعتى { وَأَنتَ مِنَ الكافرين } .
أى : وأنت من الجاحدين بعد ذلك لنعمتى التى أنعمتها عليك ، فى حال طفولتك ، وفى حال صباك ، وفى حال شبابك .
لأنك جئتنى أنت وأخوك بما يخالف ديننا ، وطلبتما منا أن نرسل معكما بنى إسرائيل . فهل هذا جزاء إحسانى إليك ؟
وهكذا نرى فرعون يوجه إلى موسى - عليه السلام - تلك الأسئلة على سبيل الإنكار عليه لما جاء به ، متوهما أنه قد قطع عليه طريق الإجابة .
ولكن موسى - عليه السلام - وقد استجاب الله - تعالى - دعاءه ، وأزال عقدة لسانه ، رد عليه ردا حكيما ، فقال - كما حكى القرآن عنه : { قَالَ فَعَلْتُهَآ إِذاً وَأَنَاْ مِنَ الضالين } .
ويذكره بحادث مقتل القبطي في تهويل وتجسيم : ( وفعلت فعلتك التي فعلت ) . . فعلتك البشعة الشنيعة التي لا يليق الحديث عنها بالألفاظ المفتوحة ! فعلتها ( وأنت من الكافرين )برب العالمين الذي تقول به اليوم ، فإنك لم تكن وقتها تتحدث عن رب العالمين !
وهكذا جمع فرعون كل ما حسبه ردا قاتلا لا يملك موسى - عليه السلام - معه جوابا ، ولا يستطيع مقاومة . وبخاصة حكاية القتل ، وما يمكن أن يعقبها من قصاص ، يتهدده به من وراء الكلمات !
[ أي : أما أنت الذي ربيناه فينا{[21699]} ] ، وفي بيتنا وعلى فراشنا [ وغذيناه{[21700]} ] ، وأنعمنا عليه مدة من السنين ، ثم بعد هذا قابلت ذلك الإحسان بتلك الفعلة ، أن قتلت منا رجلا وجحدت نعمتنا عليك ؛ ولهذا قال : { وَأَنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ } أي : الجاحدين . قاله ابن عباس ، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، واختاره ابن جرير .
{ وفعلت فعلتك التي فعلت } يعني قتل القبطي ، وبخه به معظما إياه بعدما عدد عليه نعمته ، وقرئ فعلتك بالكسر لأنها كانت قتلة بالوكز ، { وأنت من الكافرين } بنعمتي حتى عمدت إلى قتل خواصي ، أو ممن تكفرهم الآن فإنه عليه الصلاة والسلام كان يعايشهم بالتقية فهو حال من إحدى التاءين ، ويجوز أن يكون حكما مبتدأ عليه بأنه من الكافرين بآلهيته أو بنعمته لما عاد عليه بالمخالفة ، أو من الذين كانوا يكفرون في دينهم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.