المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{لَأَمۡلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنۡهُمۡ أَجۡمَعِينَ} (85)

قال الله تعالى : الحق يميني وقسمي ، ولا أقول إلا الحق ، لأملأن جهنم من جنسك من الشياطين وممن تبعك من ذرية آدم أجمعين ، لا فرق عندي بين تابع ومتبوع .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{لَأَمۡلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنۡهُمۡ أَجۡمَعِينَ} (85)

وجوابه { لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين } وما بينهما اعتراض وهو على الأول جواب محذوف والجملة تفسير ل { الحق } المقول ، وقرأ عاصم وحمزة برفع الأول على الابتداء أي الحق يميني أو قسمي ، أو الخبر أي أنا { الحق } ، وقرئا مرفوعين على حذف الضمير من أقول كقوله : كله لم أصنع . ومجرورين على إضمار حرف القسم في الأول وحكاية لفظ المقسم به في الثاني للتأكيد ، وهو سائغ فيه إذا شارك الأول وبرفع الأول وجره ونصب الثاني وتخريجه على ما ذكرناه ، والضمير في منهم للناس إذ الكلام فيهم والمراد بمنك من جنسك ليتناول الشياطين ، وقيل للثقلين وأجمعين تأكيد له أو للضميرين .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{لَأَمۡلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنۡهُمۡ أَجۡمَعِينَ} (85)

وجملة { لأملأنَّ جهنَّمَ منكَ } الخ مبيّنة لجملة { فالحق } وهي مؤكدة بلام القسم والنون .

وتقدم المفعول في { والحق أقول } للاختصاص ، أي ولا أقول إلا الحق .

و ( مِن ) في قوله : { منك وممن تبعك } بيانية وهي التي تدخل على التمييز وينتصب التمييز بتقدير معناها . وتدخل على تمييز ( كَم ) في نحو { كم أهلكنا من قبلهم من قرن } [ ص : 3 ] ، وهي هنا بيان لما دل عليه { لأملأن } من مقدار مبهم فبيّن بآية { منك وممن تبعك } ولما كان شأن مدخول « من » البيانية أن يكون نكرة تعين اعتبار كاف الخطاب في معنى اسم الجنس ، أي من جنسك الشياطين إذ لا تكون ذات إبليس مِلأً لجهنم . وإذ قد عطف عليه { وممن تبعك منهم أي من تبعك من الذين أغويتهم من بني آدم ، فلا جائز أن يبْقى من عدَا هذين من الشياطين والجِنة غير مِلْءٍ لجهنم .

وأجْمعينَ } توكيد لضمير { مِنْكَ } و« لمَن » في قوله : { ومِمَّن تَبِعَكَ .

واعلم أن حكاية هذه المقاولة بين كلام الله وبين الشيطان حكاية لما جرى في خَلد الشيطان من المدارك المترتبة المتولدة في قرارة نفسه ، وما جرى في إرادة الله من المسببات المترتبة على أسبابها من خواطر الشيطان لأن العالم الذي جرت فيه هذه الأسباب ومسبباتها عالم حقيقة لا يجري فيه إلا الصدق ولا مطمع فيه لترويج المواربة ولا الحيلة ولذلك لا تعد خواطر الشيطان المذكورة فيه جرأة على جلال الله تعالى ولا تعدّ مجازاة الله تعالى الشيطانَ عليه تنازلاً من الله لمحاورة عبد بغيض لله تعالى .

وقد ذكرنا في تفسير سورة الحجر ما دلت عليه الأقوال التي جرت من الشيطان بين يدي الله تعالى والأقوالُ التي ألقاها الله عليه .