فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{لَأَمۡلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنۡهُمۡ أَجۡمَعِينَ} (85)

{ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ } وقرئ برفع الأول ونصب الثاني ، فرفع الأول على أنه مبتدأ وخبره مقدر ، أي فالحق مني أو فالحق أنا أو خبره لأملأن أو هو خبر مبتدأ محذوف ، وأما نصب الثاني فبالفعل المذكور بعده ، أي وأنا أقول الحق ، وأجاز الفراء وأبو عبيدة أن يكون منصوبا بمعنى حقا لأملأن جهنم واعترض عليهما بأن ما بعد اللام مقطوع عما قبلها ، وروي عن الفراء وسيبويه أيضا أن المعنى فالحق أن أملأ جهنم وروي عن ابن عباس ومجاهد أنهما قرأ برفعهما فرفع الأول على ما تقدم ؛ ورفع الثاني بالابتداء ؛ وخبره الجملة المذكورة بعده والعائد محذوف .

وقرئ بخفضهما على تقدير حرف القسم ، قال الفراء : كما يقول الله عز وجل لأفعلن كذا ، وغلطه العباس ثعلب ، قال : لا يجوز الخفض بحذف مضمر ، وقيل : لأملأن جواب القسم على قراءة الجمهور ، وجملة والحق أقول معترضة بين القسم وجوابه .

{ مِنْكَ } أي من جنسك من الشياطين { وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ } أي من ذرية آدم ، فأطاعوك إذ دعوتهم إلى الضلالة والغواية ، و { أَجْمَعِينَ } تأكيد للمعطوف والمعطوف عليه ، وجوز الزمخشري أن يكون تأكيدا للضمير في منهم خاصة ، أي لأملأن جهنم من الشياطين ومن تبعهم من جميع الناس ، لا تفاوت في ذلك بين ناس وناس ،