المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَمَا يُغۡنِي عَنۡهُ مَالُهُۥٓ إِذَا تَرَدَّىٰٓ} (11)

11- وأي شيء من العذاب يدفعه عنه ماله الذي بخل به إذا هلك ؟

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَمَا يُغۡنِي عَنۡهُ مَالُهُۥٓ إِذَا تَرَدَّىٰٓ} (11)

وما يغني عنه ماله نفي أو استفهام إنكار إذا تردى هلك تفعل من الردى أو تردى في حفرة القبر أو قعر جهنم .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَمَا يُغۡنِي عَنۡهُ مَالُهُۥٓ إِذَا تَرَدَّىٰٓ} (11)

ثم وقف تعالى على موضع غناء ماله عنه وقت ترديه ، وهذا يدل على أن الإعطاء والبخل المذكورين إنما هما ماله عنه وقت ترديه ، واختلف الناس في معنى { تردى } : فقال قتادة وأبو صالح معناه { تردى } في جهنم ، أي سقط من حافاتها ، وقال مجاهد : { تردى } معناه هلك من الردى ، وقال قوم معناه { تردى } بأكفانه من الرداء ، ومنه قول مالك بن الربيب : [ الطويل ]

وخطّا بأطراف الأسنّة مضجعي . . . وردّا على عينيّ فضل ردائيا{[11861]}

ومنه قول الآخر : [ الطويل ]

نصيبك مما تجمع الدهر كله . . . رداءان تلوى فيهما وحنوط{[11862]}


[11861]:هذا البيت من قصيدة قالها مالك بن الريب التميمي حين حضرته الوفاة وهو غريب، وفيها يخاطب صاحبه، ويقول: فيا صاحبي رحلي دنا الموت فانزلا برابية إني مقيم لياليا والأسنة: جمع سنان، وهو طرف الرمح، والمراد بالمضجع هنا القبر، والرداء: ما يرتديه الإنسان، يطالب صاحبيه بأن يحفرا قبره بأطراف رماحهما، وأن يغطياه بالثوب بعد الموت.
[11862]:الرداء: الذي يلبس، وتثنيته رداءان، وتلوى فيهما: تلف فيهما، والحنوط: طيب يخلط للميت خاصة، وهو مشتق من قولهم، حنط الرمث وأحنط: إبيض واستوى وصارت له رائحة طيبة، يقول: إنك مهما جمعت من الدنيا فلن تأخذ منها إلا ثوبين تلف فيهما، وبعض الطيب الذي يوضع عليك بعد موتك.
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَمَا يُغۡنِي عَنۡهُ مَالُهُۥٓ إِذَا تَرَدَّىٰٓ} (11)

وجملة : { وما يغني عنه ماله إذا تردى } عطف على جملة { فسنيسره للعسرى } أي سنعجل به إلى جهنم . فالتقدير : إذا تردّى فيها .

والتردّي : السقوط من علوّ إلى سفل ، يعني : لا يغني عنه ماله الذي بخل به شيئاً من عذاب النار .

و { مَا } يجوز أن تكون نافية . والتقدير : وسَوْف لا يغني عنه ماله إذا سقط في جهنم ، وتحتمل أن تكون استفهامية وهو استفهام إنكار وتوبيخ . ويجوز على هذا الوجه أن تكون الواو للاستئناف . والمعنى : وما يغني عنه ماله الذي بخل به .

رَوى ابن أبي حاتم عن عكرمة عن ابن عباس : « أنه كانت لرجل من المنافقين نخلة مائلة في دار رجل مسلم ذي عيال فإذا سقط منها ثمرٌ أكله صبيةٌ لذلك المسلم فكان صاحب النخلة ينزع من أيديهم الثمرة ، فشكا المسلم ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فكلم النبي صلى الله عليه وسلم صاحب النخلة أن يتركها لهم وله بها نخلة في الجنة فلم يفعل ، وسمع ذلك أبو الدحداح الأنصاري{[450]} فاشترى تلك النخلة من صاحبها بحائط فيه أربعون نخلة وجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : " يا رسول الله اشترِها مني بنخلة في الجنة فقال : نعم والذي نفسي بيده ، فأعطاها الرجلَ صاحب الصبية " قال عكرمة قال ابن عباس : فأنزل الله تعالى : { والليل إذا يغشى } [ الليل : 1 ] إلى قوله : { للعسرى } وهو حديث غريب ، ومن أجل قول ابن عباس : فأنزل الله تعالى : { والليل إذا يغشى } قال جماعة : السورة مدنية وقد بينا في المقدمة الخامسة أنه كثيراً ما يقع في كلام المتقدمين قولهم : فأنزل الله في كذا قوله كذا ، أنهم يريدون به أن القصّة ممّا تشمله الآية . وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " كمْ من عَذْق رَدَاحْ في الجنة لأبي الدحداح " ولمح إليها بشار بن برد في قوله :

إن النُحيلة إذْ يميل بها الهوى *** كالعَذق مال على أبي الدحداح


[450]:- أبو الدحداح: ثابت بن الدحداح البلوي، حليف الأنصار، صحابي جليل، قتل في واقعة أحد، وقيل مات بعدها من جرح كان به حين رجع النبي صلى الله عليه وسلم من الحديبية، وصلى عليه النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة وهو الذي صاح يوم أحد لما أرجف المشركون بموت النبي صلى الله عليه وسلم: يا معشر الأنصار إلي إلي أنا ثابت بن الدحداح إن كان محمد قد قتل فإن الله حي لا يموت، فقاتلوا عن دينكم فإن الله مظهركم وناصركم.