المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَلَا تَحَـٰٓضُّونَ عَلَىٰ طَعَامِ ٱلۡمِسۡكِينِ} (18)

18- ولا يحث بعضكم بعضاً على إطعام المساكين .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَلَا تَحَـٰٓضُّونَ عَلَىٰ طَعَامِ ٱلۡمِسۡكِينِ} (18)

{ وَلا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ } يعني : لا يأمرون بالإحسان إلى الفقراء والمساكين ، ويحث بعضهم على بعض في ذلك ،

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَلَا تَحَـٰٓضُّونَ عَلَىٰ طَعَامِ ٱلۡمِسۡكِينِ} (18)

وقوله : كَلاّ بَلْ لا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ اختلف أهل التأويل في المعنيّ بقوله : كَلاّ في هذا الموضع ، وما الذي أنكر بذلك ، فقال بعضهم : أنكر جلّ ثناؤه أن يكون سبب كرامته من أكرم كثرة ماله ، وسبب إهانته من أهان قلة ماله . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : وأمّا إذَا ما ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيقُولُ رَبّي أهانني ما أسرع ما كفر ابن آدم يقول الله جلّ ثناؤه : كلا إني لا أكرم من أكرمت بكثرة الدنيا ، ولا أهين من أهنت بقلتها ، ولكن إنما أُكرم من أكرمت بطاعتي ، وأُهين من أهنت بمعصيتي .

وقال آخرون : بل أنكر جلّ ثناؤه حمد الإنسان ربه على نِعمه دون فقره ، وشكواه الفاقة . وقالوا : معنى الكلام : كلاّ ، أي لم يكن ينبغي أن يكون هكذا ، ولكن كان ينبغي أن يحمده على الأمرين جميعا ، على الغنى والفقر .

وأولى القولين في ذلك بالصواب : القول الذي ذكرناه عن قتادة ، لدلالة قوله بَلْ لا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ والاَيات التي بعدها ، على أنه إنما أهان من أهان بأنه لا يكرم اليتيم ، ولا يَحُضّ على طعام المسكين ، وسائر المعاني التي عدّد ، وفي إبانته عن السبب الذي من أجله أهان من أهان ، الدلالة الواضحة على سبب تكريمه من أكرم ، وفي تبيينه ذلك عَقيب قوله : فَأمّا الإنْسانُ إذَا ما ابْتَلاهُ رَبّهُ فَأكْرَمَهُ وَنَعّمَهُ فَيَقُولُ رَبّي أكْرَمَنِ وَأمّا إذَا ما ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبّي أهانَنِ بيان واضح عن الذي أنكر من قوله ما وصفنا .

وقوله : بَلْ لا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ يقول تعالى ذكره : بل إنما أهنت من أَهَنت من أجل أنه لا يكرم اليتيم ، فأخرج الكلام على الخطاب ، فقال : بل لستم تكرمون اليتيم ، فلذلك أهنتكم وَلا تَحَاضّونَ عَلى طَعامِ المِسْكِينِ .

واختلفت القرّاء في قراءة ذلك ، فقرأه من أهل المدينة أبو جعفر وعامة قرّاء الكوفة بَلْ لا تُكْرِمونَ الْيَتِيمَ وَلا تَحَاضّونَ بالتاء أيضا وفتحها ، وإثبات الألف فيها ، بمعنى : ولا يحضّ بعضكم بعضا على طعام المسكين . وقرأ ذلك بعض قرّاء مكة وعامة قرّاء المدينة ، بالتاء وفتحها وحذف الألف : «وَلا تَحُضّونَ » بمعنى : ولا تأمرون بإطعام المسكين . وقرأ ذلك عامة قرّاء البصرة : «يَحُضّونَ » بالياء وحذف الألف ، بمعنى : ولا يكرم القائلون إذا ما ابتلاه ربه فأكرمه ونعمه ربي أكرمني ، وإذا قدر عليه رزقه ربي أهانني اليتيم ، «وَلا يَحُضّونَ عَلى طَعامِ المِسْكِينِ » وكذلك يقرأ الذين ذكرنا من أهل البصرة «يُكْرِمُونَ » وسائر الحروف معها بالياء ، على وجه الخبر عن الذين ذكرت . وقد ذُكر عن بعضهم أنه قرأ : «تُحاضّونَ » بالتاء وضمها وإثبات الألف ، بمعنى : ولا تحافظون .

والصواب من القول في ذلك عندي : أن هذه قراءات معروفات في قراءة الأمصار ، أعني القراءات الثلاث صحيحات المعاني ، فبأيّ ذلك قرأ القارىء فمصيب .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَلَا تَحَـٰٓضُّونَ عَلَىٰ طَعَامِ ٱلۡمِسۡكِينِ} (18)

ونفي الحَض على طعام المسكين نفي لإطعامه بطريق الأولى ، وهي دلالة فحوى الخطاب ، أي لقلّة الاكتراث بالمساكين لا ينفعونهم ولو نفْعَ وساطة ، بَلْهَ أن ينفعوهم بالبذل من أموالهم .

و { طعام } يجوز أن يكون اسماً بمعنى المطعوم ، فالتقدير : ولا تحضون على إعطاء طعام المسكين فإضافته إلى المسكين على معنى لام الاستحقاق ويجوز أن يكون اسم مصدر أطعم . والمعنى : ولا تحضون على إطعام الأغنياء المساكينَ فإضافته إلى المسكين من إضافة المصدر إلى مفعوله .

و { المسكين } : الفقير وتقدم في سورة براءة .

وقد حصل في الآية احتباك لأنهم لما نُفِي إكرامهم اليتيم وقوبل بنفي أن يحضُّوا على طعام المسكين ، عُلم أنهم لا يحضون على إكرام أيتامهم ، أي لا يحضون أولياء الأيتام على ذلك ، وعلم أنهم لا يطعمون المساكين من أموالهم .

ويجوز أن يكون الحض على الطعام كناية عن الإِطعام لأن من يحض على فعل شيء يكون راغباً في التلبس به فإذا تمكن أن يفعله فعله ، ومنه قوله تعالى : { وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر } [ العصر : 3 ] أي عملوا بالحق وصبروا وتواصوا بهما .

وقرأ الجمهور : « لا تُكرمون ، ولا تَحضون ، وتأكلون ، وتُحبون » بالمثناة الفوقية على الخطاب بطريقة الالتفات من الغيبة في قوله : { فأما الإنسان إذا ما ابتلاه ربه } الآيات لقصد مواجهتهم بالتوبيخ ، وهو بالمواجهة أوقع منه بالغيبة . وقرأها أبو عمرو ويعقوب بالمثناة التحتية على الغيبة لتعريف النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين بذلك فضحاً لدخائلهم على نحو قوله تعالى : { يقول أهلكت مالاً لبداً أيحسب أن لم يره أحد } [ البلد : 6 ، 7 ] .

وقرأ الجمهور : { ولا تحضُّون } بضم الحاء مضارع حضّ ، وقرأه عاصم وحمزة والكسائي وأبو جعفر وخلف { تَحَاضُّون } بفتح الحاء وألف بعدها مضارع حاضّ بعضهم بعضاً ، وأصله تتحاضّون فحذفت إحدى التاءين اختصاراً للتخفيف أي تتمالؤون على ترك الحض على الإطعام .