قوله : أنّا صَبَبْنا الماءَ صَبّا يقول : أنا أنزلنا الغيث من السماء إنزالاً ، وصببناه عليها صبا ثُمّ شَقَقْنا الأرْضَ شَقّا يقول : ثم فتقنا الأرض ، فصدّعناها بالنبات فأنْبَتْنا فِيها حَبا : يعني حبّ الزرع ، وهو كلّ ما أخرجته الأرض من الحبوب ، كالحنطة والشعير وغير ذلك وَعِنَبا يقول : وكرم عنب . وَقَضْبا يعني بالقَضْب : الرّطْبة ، وأهل مكة يسمون القَتّ القَضْب . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثني عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : وَقَضْبا يقول : الفِصفِصة .
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة وَقَضْبا قال : والقضب : الفَصافِص . قال أبو جعفر رحمه الله : الفِصفصة : الرّطبة .
حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : حدثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : وَقَضْبا يعني الرطبة .
حدثنا بشر ، قال : حدثنا عبد الواحد بن زياد ، قال : حدثنا يونس ، عن الحسن ، في قوله : وَقَضْبا قال : القضب : العَلَف .
و «القضب » قال بعض اللغويين : هي الفصافص{[11631]} ، وهذا عندي ضعيف ، لأن الفصافص هي للبهائم فهي دخل في الأبّ ، وقال أبو عبيدة : «القضب » الرطبة{[11632]} ، قال ثعلب : لأنه يقضب كل يوم .
والذي أقوله إن «القضب » هنا هو كل ما يقضب ليأكله ابن آدم ، وغضاً من النبات كالبقول والهِلْيُون{[11633]} ونحوه ، فإنه من المطعوم جزء عظيم ولا ذكر له في الآية إلا في هذه اللفظة ، والغُلب الغلاظ الناعمة .
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
أنا أنزلنا الغيث من السماء إنزالاً، وصببناه عليها صبا. "ثُمّ شَقَقْنا الأرْضَ شَقّا" يقول: ثم فتقنا الأرض، فصدّعناها بالنبات. " فأنْبَتْنا فِيها حَبا": يعني حبّ الزرع، وهو كلّ ما أخرجته الأرض من الحبوب، كالحنطة والشعير وغير ذلك "وَعِنَبا" يقول: وكرم عنب، "وَقَضْبا" يعني بالقَضْب: الرّطْبة، وأهل مكة يسمون القَتّ القَضْب...
الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :
والقضب: الرطبة... سمي بمصدر قضبه إذا قطعه؛ لأنه يقضب مرَّة بعد مرّة...
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :
و «القضب» قال بعض اللغويين: هي الفصافص، وهذا عندي ضعيف، لأن الفصافص هي للبهائم فهي دخل في الأبّ، وقال أبو عبيدة: «القضب» الرطبة، قال ثعلب: لأنه يقضب كل يوم. والذي أقوله إن «القضب» هنا هو كل ما يقضب ليأكله ابن آدم، وغضاً من النبات كالبقول والهِلْيُون ونحوه، فإنه من المطعوم جزء عظيم ولا ذكر له في الآية إلا في هذه اللفظة، والغُلب الغلاظ الناعمة...
{وعنبا}. وإنما ذكره بعد الحب لأنه غذاء من وجه وفاكهة من وجه.
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
{وعنباً} هو فاكهة في حال عنبيته وقوت باتخاذه زبيباً ودبساً وخلاً. ولما كان ذلك في بيان عجائب الصنع ليدل على القدرة على كل شيء فيدل على- القدرة على البعث فذكر ما إن أخذ من منبته قبل بلوغه فسد، وإن ترك اشتد وصلح للادخار، واتبعه ما إن ترك على أصله فسد، وإن أخذ وعولج -صلح للادخار، أتبعه ما لا يصلح- للادخار بوجه فقال: {وقضباً} وهو الرطب من البقل وغيره، وهو يزيد على الماضيين بأنه فيه ما هو دواء نافع وسم ناقع، وبأنه يقطع مرة بعد أخرى فيخلف، سمي بمصدر قضبه- إذا قطعه بحصد أو قلع...
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :
وقد اختارت الآية العنب دون البقية لما أودع فيه من مواد غذائية غنية بالمقويات، حتى قيل عنه بأنّه غذاء كامل. ومع أنّ «العنب» يطلق على الشجرة والثمرة، وبالرغم من ورود كلا الاستعمالين في الآيات القرآنية، لكنّ المناسب هنا الثمرة دون الشجرة. «قضباً»: هو الخضراوت التي تحصد بين فترة أخرى، وما أريد منها بالذات، تلك الخضراوات التي تؤكل من غير طبخ (تؤكل طرية)، وقد جاء ذكرها بعد العنب لأهميتها الغذائية، وقد أكّد هذا المعنى علم التغذية الحديث. وتستعمل كلمة (القضيب) بمعنى القطف والقطع أيضاً، و (القضيب): غصن الشجرة، و (سيف قاضب) بمعنى: قاطع. وروي عن ابن عباس قوله: إن «القضيب» في هذه الآية هو (الرطب)، ولكنّ هذا المعنى بعيد جدّاً للإشارة إلى الرطب في الآية التالية. وقيل أيضاً: «القضب» الوارد في الآية، بمعنى ثمار النباتات الزاحفة (كالخيار والبطيخ وما شابهه)، أو النباتات الأرضية (كالبصل والجزر... الخ). ولا يبعد من إرادة كلّ الخضروات التي تؤكل طرية والنباتات الزاحفة وكذا الأرضية في معنى «القضب» المشار إليه في الآية...
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.