القول في تأويل قوله تعالى : { الّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللّهِ وَلاَ يِنقُضُونَ الْمِيثَاقَ * وَالّذِينَ يَصِلُونَ مَآ أَمَرَ اللّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الحِسَابِ }
يقول تعالى ذكره : إنما يتعظ ويعتبر بآيات الله أولو الألباب الذين يوفون بوصية الله التي أوصاهم . ولا ينقضُونَ الميثاقَ ولا يخالفون العهد الذي عاهدوا الله عليه إلى خلافه ، فيعملوا بغير ما أمرهم به ويخالفوا إلى ما نهى عنه . وقد بيّنا معنى العهد والميثاق فيما مضى بشواهده ، فأغنى عن إعادته في هذا الموضع .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثني المثنى ، قال : حدثنا إسحاق ، قال : حدثنا هشام ، عن عمرو ، عن سعيد ، عن قتادة ، قال : إنّمَا يَتَذَكّرُ أُولُوا الألْبابِ فبين من هم ، فقال : الّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللّهِ وَلا يَنْقُضُونَ المِيثاقَ فعليكم بوفاء العهد ، ولا تنقضوا هذا الميثاق ، فإن الله تعالى قد نهى وقدّم فيه أشدّ التقدمة ، فذكره في بضع وعشرين موضعا ، نصيحة لكم وتقدمة إليكم وحُجّة عليكم ، وإنما يعظم الأمر بما عظّمه الله به عند أهل الفهم والعقل ، فعظّموا ما عظم الله قال قتادة : وذُكر لنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول في خطبته : «لا إيمَانَ لِمَنْ لا أمانَةَ لَهُ ، وَلا دِينَ لِمَنْ لا عَهْدَ لَهُ » .
ثم أخذ تعالى في وصف هؤلاء الذين يسرهم للإيمان فقال : { الذين يوفون بعهد الله } وقوله : { بعهد الله } : اسم للجنس ، أي بجميع عهود الله وهي أوامره ونواهيه التي وصى بها عبيدة ، ويدخل في هذه الألفاظ التزام جميع الفروض وتجنب جميع المعاصي .
وقوله : { ولا ينقضون الميثاق } يحتمل أن يريد به جنس المواثيق أي إذا اعتقدوا في طاعة الله عهداً لم ينقضوه . قال قتادة : وتقدم الله إلى عباده في نقض الميثاق ونهى عنه في بضع وعشرين آية ويحتمل أن يشير إلى ميثاق معين ، وهو الذي أخذه الله على عباده وقت مسحه على ظهر أبيهم آدم عليه السلام .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.