اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{ٱلَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهۡدِ ٱللَّهِ وَلَا يَنقُضُونَ ٱلۡمِيثَٰقَ} (20)

{ الذين يُوفُونَ بِعَهْدِ الله } بما أمرهم به ، وفرضه عليهم ، ولا يخالفونه . ويجوز أن يكون قوله : { الذين يُوفُونَ } صفة ل " أولي الألباب " ، ويجوز أن يكون صفة لقوله عز وجل : { أَفَمَن يَعْلَمُ أَنَّمَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَبِّكَ الحق } .

وقيل : { الذين يُوفُونَ بِعَهْدِ الله } مبتدأ : و { أولئك لَهُمْ عقبى الدار } خبره لقوله تعالى : { والذين يَنقُضُونَ عَهْدَ الله } [ الرعد : 25 ] أولئك لهم اللعنة . وهذه الآية من أوَّلها إلى آخرها جملة واحدة شرطيَّة ، وشرطها مشتملٌ على قيودٍ .

القيد الأول قوله : { الذين يُوفُونَ بِعَهْدِ الله } قال ابن عباسٍ رضي الله عنه : يريد الذين عاهدهم حين كانوا في صلب آدم صلوات الله وسلامه عليه : { وَأَشْهَدَهُمْ على أَنفُسِهِمْ أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بلى } [ الأعراف : 32 ] وقيل : المراد ب " عَهْدِ اللهِ " كل أمرٍ قام الدليل على صحَّته .

والقيد الثاني : قوله سبحانه : { وَلاَ ينقُضُونَ الميثاق } ، وهذا قريبٌ من الوفاء بالعهد ؛ فإن الوفاء بالعهد قريب من عدم نقض الميثاق ؛ فهما متلازمان .

وقيل : الميثاق ما وثقه المكلف على نفسه من الطاعات كالنذر ، والوفاء بالعهد ما كلف العبد به ابتداء .

وقيل : الوفاءُ بالعهدِ : عهد الربوبيَّة ، والعبودية ، والمراد بالميثاق : المواثيق المذكورة في التوراة والإنجيل وسائر الكتب الإلهية على وجوب الإيمان بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم عند ظهوره .

وقيل : المراد من الوفاء بالعهد : أن لا يغدر فيه ، قال عليه أفضل الصلاة والسلام : " مَنْ عَاهدَ اللهَ فَغَدرَ كَانَ فِيهِ خَصْلةٌ مِنَ النِّفاقِ " .