توبيخ من اعترف بالحق ثم أعرض عنه
{ أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى ( 33 ) وَأَعْطَى قَلِيلاً وَأَكْدَى ( 34 ) أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرَى ( 35 ) أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى ( 36 ) وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى ( 37 ) أَلاَّ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ( 38 ) وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى ( 39 ) وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى ( 40 ) ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى ( 41 ) وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى ( 42 ) وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى ( 43 ) وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا ( 44 ) وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى ( 45 ) مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى ( 46 ) وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الْأُخْرَى ( 47 ) وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَى وَأَقْنَى ( 48 ) وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرَى ( 49 ) وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَادًا الْأُولَى ( 50 )وَثَمُودَ فَمَا أَبْقَى ( 51 ) وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَى ( 52 ) وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى ( 53 ) فَغَشَّاهَا مَا غَشَّى ( 54 ) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكَ تَتَمَارَى ( 55 ) } .
تولى : أعرض عن اتباع الإسلام ، وعن الثبات على الحق .
وأكدى : قطع العطاء ، من قولهم : حفر فأكدى ، أي : بلغ إلى كدية ، أي صخرة تمنعه من إتمام العمل .
33 ، 34 ، 35- { أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى * وَأَعْطَى قَلِيلاً وَأَكْدَى * أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرَى } .
هل شاهدت هذا النموذج من الناس ، الذي رقّ قلبه للإسلام ، وعظَّم القرآن ومدحه ، ثم تولى عن الإسلام وأعرض عنه ، وأعطى بلسانه مدحا للقرآن ، ثم منع ذلك المدح لكتاب الله ورفض الإسلام ، استجابة لتحريض صديق له من المشركين ، حرَّضه على الكفر ، ووعده بأن يتحمل عنه العذاب يوم القيامة ، وأمر القيامة وشؤونه4ا غيب لا يعلمه4ا إلا الله ، ولا يُعرف إلا بطريق الوحي ، فهل نزل عليه وحي يؤيد أن صاحبه سيتحمل عنه العذاب ؟ وهل عنده غيب من عند الله يفيد أن الله سيقبل أن يتحمل إنسان العذاب عن إنسان آخر ؟
{ وأعطى قَلِيلاً } أي شيئاً قليلاً ، أو إعطاءاً قليلاً { وأكدى } أي قطع العطاء من قولهم حفر فأكدى إذا بلغ إلى كديه أي صلابة في الأرض فلم يمكنه الحفر ، قال مجاهد . وابن زيد : نزلت في الوليد بن المغيرة كان قد سمع قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم وجلس إليه ووعظه فقرب من الإسلام وطمع فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم إنه عاتبه رجل من المشركين ، وقال له : أتترك ملة آبائك ؟ا ارجع إلى دينك وأثبت عليه وأنا أتحمل عنك كل شيء تخافه في الآخرة لكن على أن تعطيني كذا وكذا من المال فوافقه الوليد على ذلك ورجع عما هم به من الإسلام وصل ضلالاً بعيداً ، وأعطى بعض المال لذلك الرجل ثم أمسك عنه وشح ، وقال الضحاك : هو النضر بن الحرث أعطى خمس قلائص لفقير من المهاجرين حتى ارتد عن دينه وضمن له أن يحمل عنه مأثم رجوعه ، وقال السدي : نزلت في العاص بن وائل السهمي كان يوافق النبي صلى الله عليه وسلم في بعض الأمور ، وقال محمد بن كعب : في أبي جهل قال : والله ما يأمر محمد إلا بمكارم الأخلاق ، والأول هو الأشهر الأنسب لما بعده من قوله سبحانه :
فإن سمحت نفسه ببعض الشيء ، القليل ، فإنه لا يستمر عليه ، بل يبخل ويكدى ويمنع .
فإن المعروف ليس سجية له وطبيعة{[906]} بل طبعه التولي عن الطاعة ، وعدم الثبوت على فعل المعروف ، ومع هذا ، فهو يزكي نفسه ، وينزلها غير منزلتها التي أنزلها الله بها .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.