المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{قُلۡ إِنِّي لَن يُجِيرَنِي مِنَ ٱللَّهِ أَحَدٞ وَلَنۡ أَجِدَ مِن دُونِهِۦ مُلۡتَحَدًا} (22)

22- قل : إني لن يدفع عنى عذاب الله أحد إن عصيته ، ولن أجد من دونه ملجأ أفر إليه من عذابه .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{قُلۡ إِنِّي لَن يُجِيرَنِي مِنَ ٱللَّهِ أَحَدٞ وَلَنۡ أَجِدَ مِن دُونِهِۦ مُلۡتَحَدًا} (22)

قل : إني لن يجيرني من الله أحدا ولن أجد من دونه ملتحدا . إلا بلاغا من الله ورسالاته . . . . .

وهذه هي القولة الرهيبة ، التي تملأ القلب بجدية هذا الأمر . . أمر الرسالة والدعوة . . والرسول [ صلى الله عليه وسلم ] يؤمر بإعلان هذه الحقيقة الكبيرة . . إني لن يجيرني من الله أحد ، ولن أجد من دونه ملجأ أو حماية ، إلا أن أبلغ هذا الأمر ، وأؤدي هذه الأمانة ، فهذا هو الملجأ الوحيد ، وهذه هي الإجارة المأمونة . إن الأمر ليس أمري ، وليس لي فيه شيء إلا التبليغ ، ولا مفر لي من هذا التبليغ . فأنا مطلوب به من الله ولن يجيرني منه أحد ، ولن أجد من دونه ملجأ يعصمني ، إلا أن أبلغ وأؤدي !

يا للرهبة ! ويا للروعة ! ويا للجد !

إنها ليست تطوعا يتقدم به صاحب دعوة . إنما هو التكليف . التكليف الصارم الجازم ، الذي لا مفر من أدائه . فالله من ورائه !

وإنها ليست اللذة الذاتية في حمل الهدى والخير للناس . إنما هو الأمر العلوي الذي لا يمكن التلفت عنه ولا التردد فيه !

وهكذا يتبين أمر الدعوة ويتحدد . . إنها تكليف وواجب . وراءه الهول ، ووراءه الجد ، ووراءه الكبير المتعال !

( ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم خالدين فيها أبدا . حتى إذا رأوا ما يوعدون فسيعلمون من أضعف ناصرا وأقل عددا ) .

فهو التهديد الظاهر والملفوف لمن يبلغه هذا الأمر ثم يعصي . بعد التلويح بالجد الصارم في التكليف بذلك البلاغ .

وإذا كان المشركون يركنون إلى قوة وإلى عدد ، ويقيسون قوتهم إلى قوة محمد [ صلى الله عليه وسلم ] والمؤمنين القلائل معه ، فسيعلمون حين يرون ما يوعدون - إما في الدنيا وإما في الآخرة - ( من أضعف ناصرا وأقل عددا ) . . وأي الفريقين هو الضعيف المخذول القليل الهزيل !

ونعود إلى مقالة الجن فنجدهم يقولون : ( وأنا ظننا أن لن نعجز الله في الأرض ولن نعجزه هربا )فنجد التعقيب على القصة يتناسق معها . ونجد القصة تمهد للتعقيب فيجيء في أوانه وموعده المطلوب !

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{قُلۡ إِنِّي لَن يُجِيرَنِي مِنَ ٱللَّهِ أَحَدٞ وَلَنۡ أَجِدَ مِن دُونِهِۦ مُلۡتَحَدًا} (22)

وقولهم { من دونه } أي من عند سواه . و «الملتحد » : الملجأ الذي يمال إليه ويُركَن ، ومنه الإلحاد الميل ، ومنه اللحد الذي يمال به إلى أحد شقي القبر .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{قُلۡ إِنِّي لَن يُجِيرَنِي مِنَ ٱللَّهِ أَحَدٞ وَلَنۡ أَجِدَ مِن دُونِهِۦ مُلۡتَحَدًا} (22)

وجملتا { قل إني لن يجيرني } إلى { ملتحداً } معترضتان بين المستثنى منه والمستثنى ، وهو اعتراضُ ردَ لما يحاولونه منه أن يترك ما يؤذيهم فلا يذكر القرآنُ إبطال معتقدهم وتحقير أصنامهم ، قال تعالى : { وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين لا يرجون لقاءنا ائتِ بقرآن غير هذا أو بدله قل ما يكون لي أن أبدله من تلقاء نفسي إن اتبع إلاّ ما يوحى إلي إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم } [ يونس : 15 ] .

والملتحد : اسم مكان الالتحاد ، والالتحاد : المبالغة في اللحد ، وهو العدول إلى مكان غير الذي هو فيه ، والأكثر أن يطلق ذلك على اللجأ ، أي العياذ بمكان يعصمه . والمعنى : لَن أجد مكاناً يعصمني .

و { من دونه } حال من { ملتحداً } ، أي ملتحداً كائناً من دون الله أي بعيداً عن الله غير داخل من ملكوته ، فإن الملتحد مكان فلما وصف بأنه من دون الله كان المعنى أنه مكان من غير الأمكنة التي في ملك الله ، وذلك متعذر ، ولهذا جاء لنفي وجدانه حرف { لن } الدال على تأييد النفي .

و { مِن } في قوله : { مِن دونه } مزيدة جارة للظرف وهو ( دون ) .