اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{قُلۡ إِنِّي لَن يُجِيرَنِي مِنَ ٱللَّهِ أَحَدٞ وَلَنۡ أَجِدَ مِن دُونِهِۦ مُلۡتَحَدًا} (22)

قوله : { قُلْ إِنِّي لَن يُجِيرَنِي مِنَ الله أَحَدٌ } ، أي : لن يدفع عني عذابه أحدٌ إن استحفظته وذلك أنهم قالوا : اترك ما تدعو إليه ، ونحن نجيرُك .

وروى أبو الجوزاء عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال : انطلقتُ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الجن حتى أتى الحجُون فخطَّ علينا خطّاً ، ثم تقدم إليهم فازدحموا عليه فقال سيد يقال له وِرْدان : أنا أزجلهم عنك ، فقال : { إِنِّي لَن يُجِيرَنِي مِنَ الله أَحَدٌ } ، ذكره الماورديُّ رحمة الله عليه ، قال : ويحتمل معنيين :

أحدهما : لن يجيرني مع إجارة الله لي أحد .

الثاني : لن يجيرني مما قدره الله تعالى علي أحدٌ ، { وَلَنْ أَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَداً }{[58210]} أي : ملجأ الجأ إليه ، قاله قتادة ، وعنه نصيراً ومولى .

وقال السدي : حِرْزاً{[58211]} ، وقال الكلبيُّ : مدخلاً في الأرض مثل السِّرب{[58212]} ، وقيل : مذهباً ولا مسلكاً ، حكاه ابن شجرة ؛ قال الشاعر : [ البسيط ]

4914 - يَا لَهْفَ نَفْسِي ولَهْفِي غَيْرُ مُجْزيَةٍ***عَنِّي ومَا مِنْ قضَاءِ اللَّهِ مُلتَحَدُ{[58213]}

و «مُلتَحَداً » مفعول «أحد » لأنها بمعنى «أصيب »


[58210]:ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/438) وعزاه إلى ابن مردويه والبيهقي في "الدلائل".
[58211]:ذكره القرطبي (19/18).
[58212]:ينظر المصدر السابق.
[58213]:ينظر: القرطبي 19/18، والبحر المحيط 8/346، والدر المصون 6/397، وروح المعاني 29/116.