القول في تأويل قوله تعالى : { ثُمّ إِنّي دَعَوْتُهُمْ جِهَاراً * ثُمّ إِنّيَ أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَاراً * فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُواْ رَبّكُمْ إِنّهُ كَانَ غَفّاراً * يُرْسِلِ السّمَآءَ عَلَيْكُمْ مّدْرَاراً } .
يقول : ثُمّ إنّي دَعَوْتُهُمْ إلى ما أمرتني أن أدعوهم إليه جِهارا ظاهرا في غير خفاء ، كما :
حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : ثُمّ إنّي دَعَوْتُهُمْ جِهارا قال : الجهار الكلام المعلن به .
ثم إني دعوتهم جهارا * ثم إني أعلنت لهم وأسررت لهم إسرارا أي دعوتهم مرة بعد أخرى وكرة بعد أولى على أي وجه أمكنني و ثم لتفاوت الوجوه فإن الجهار أغلظ من الإسرار والجمع بينهما أغلظ من الإفراد لتراخي بعضها عن بعض و جهارا نصب على المصدر لأنه أحد نوعي الدعاء أو صفة مصدر محذوف بمعنى دعاء جهارا أي مجاهرا به أو الحال فيكون بمعنى مجاهرا .
ارتقى في شكواه واعتذاره بأنَّ دعوته كانت مختلفة الحالات في القول من جهر وإسرار ، فعَطْف الكلام ب { ثم } التي تفيد في عطفها الجمل أن مضمون الجملة المعطوفة أهم من مضمون المعطوف عليها ، لأن اختلاف كيفية الدعوة ألصق بالدعوة من أوقات إلقائها لأن الحالة أشد ملابسة بصاحبها مِن ملابسة زمانه . فذَكَر أنه دعاهم جهاراً ، أي علناً .
وجِهار : اسم مصدر جهر ، وهو هنا وصف لمصدر { دَعَوْتُهم } ، أي دعوةً جهاراً .
وارتقى فذكر أنه جمع بين الجهر والإِسرار لأن الجمع بين الحالتين أقوى في الدعوة وأغلظ من إفراد إحداهما . فقوله : { أعلنت لهم } تأكيد لقوله : { دعوتهم جهاراً } ذكر ليبنى عليه عطف { وأسررت لهم إسراراً } .
والمعنى : أنه توخى ما يظنه أوْغَل إلى قلوبهم من صفات الدعوة ، فجهر حين يكون الجهر أجدى مثلُ مجامع العامة ، وأسَرَّ للذين يظنهم متجنبين لَوْم قومهم عليهم في التصدّي لسماع دعوته وبذلك تكون ضمائر الغيبة في قوله دعوتهم } ، وقوله : { أعلنت لهم وأسررت لهم } موزعة على مختلففِ الناس .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.