68- فيهما فاكهة من صنوف مختلفة ونخل ورمان{[216]} .
كما أن { فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ } وأنواع منوعة من أفخر الفاكهة . وقد خص النخلَ والرمان لأن الله تعالى أودع فيهما كثيراً من المزايا الهامة . فثمر النخل غذاء كامل ، فيه نسبة عالية من الكالسيوم والحديد والفوسفور التي يحتاج إليها الجسم . وفيه عدد من الفيتامينات المفيدة ، وهو يحتوي أيضا على نسبة من البروتينات والدهنيات .
كذلك في الرمان نسبة مرتفعة من حمض الليمونيك الذي يساعد عند احتراقه على تقليل أثر الحموضة في البول والدم ، مما يكون سببا في تجنب النِّقرِس وتكوين بعض حصى الكلى ، مع احتوائه على نسبة لا بأس بها من السكّريات السهلة الاحتراق ، والمولِّدة للطاقة . وهناك فوائد هامة في قشر ثمر الرمان ، وقشور سُوقِ أشجاره .
قوله تعالى : { فبأي آلاء ربكما تكذبان* فيهما فاكهة ونخل ورمان } قال بعضهم : ليس النخل والرمان من الفاكهة والعامة على أنها من الفاكهة ، وإنما أعاد ذكر النخل والرمان وهما من جملة الفواكه للتخصيص والتفصيل ، كما قال تعالى : { من كان عدواً لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال }( البقرة-98 ) .
أخبرنا أبو محمد بن عبد الله بن أبي توبة ، أنبأنا أبو طاهر محمد بن أحمد بن الحارث ، أنبأنا محمد بن يعقوب الكسائي ، أنبأنا عبد الله بن محمود ، أنبأنا إبراهيم ابن عبد الله الخلال ، أنبأنا عبد الله بن المبارك ، عن سفيان ، عن حماد ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : نخل الجنة جذوعها زمرد أخضر ، وورقها ذهب أحمر ، وسعفها كسوة لأهل الجنة فيها مقطعاتهم وحللهم ، وثمرها أمثال القلال أو الدلاء أشد بياضاً من اللبن وأحلى من العسل وألين من الزبد ليس له عجم .
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
يقول تعالى ذكره: وفي هاتين الجنتين المدهامّتين فاكهة ونخل ورمّان. وقد اختلف في المعنى الذي من أجله أعيد ذكر النخل والرمان وقد ذُكر قبل أن فيهما الفاكهة؛ فقال بعضهم: أعيد ذلك لأن النخل والرمان ليسا من الفاكهة...
وقال آخرون: هما من الفاكهة، وقالوا: قلنا هما من الفاكهة، لأن العرب تجعلهما من الفاكهة، قالوا: فإن قيل لنا: فكيف أعيدا وقد مضى ذكرهما مع ذكر سائر الفواكه؟ قلنا: ذلك كقوله:"حافِظوا على الصّلَوَاتِ والصّلاةِ الوُسْطَى "فقد أمرهم بالمحافظة على كلّ صلاة، ثم أعاد العصر تشديدا لها، كذلك أعيد النخل والرمّان ترغيبا لأهل الجنة...
{فيهما فاكهة ونخل ورمان، فبأي آلاء ربكما تكذبان} فهو كقوله تعالى: {فيهما من كل فاكهة زوجان} وذلك لأن الفاكهة أرضية نحو البطيخ وغيره من الأرضيات المزروعات، وشجرية نحو النخل وغيره من الشجريات فقال: {مدهامتان} بأنواع الخضر التي منها الفواكه الأرضية وفيهما أيضا الفواكه الشجرية وذكر منها نوعين وهما الرمان والرطب لأنهما متقابلان فأحدهما حلو والآخر غير حلو، وكذلك أحدهما حار والآخر بارد، وأحدهما فاكهة وغذاء، والآخر فاكهة، وأحدهما من فواكه البلاد الحارة والآخر من فواكه البلاد الباردة، وأحدهما أشجاره في غاية الطول والآخر أشجاره بالضد وأحدهما ما يؤكل منه بارز ومالا يؤكل كامن، والآخر بالعكس فهما كالضدين والإشارة إلى الطرفين تتناول الإشارة إلى ما بينهما..
الأولى- قال بعض العلماء : ليس الرمان والنخل من الفاكهة ؛ لأن الشيء لا يعطف على نفسه إنما يعطف على غيره وهذا ظاهر الكلام . وقال الجمهور : هما من الفاكهة وإنما أعاد ذكر النخل والرمان لفضلهما وحسن موقعهما على الفاكهة ، كقوله تعالى : " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى " [ البقرة : 238 ] وقول : " من كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال " [ البقرة : 98 ] وقد تقدم . وقيل : إنما كررها لأن النخل والرمان كانا عندهم في ذلك الوقت بمنزلة البر عندنا ؛ لأن النخل عامة قوتهم ، والرمان كالثمرات ، فكان يكثر غرسهما عندهم لحاجتهم إليهما ، وكانت الفواكه عندهم من ألوان الثمار التي يعجبون بها ، فإنما ذكر الفاكهة ثم ذكر النخل والرمان لعمومهما وكثرتهما عندهم من المدينة إلى مكة إلى ما والاها من أرض اليمن ، فأخرجهما في الذكر من الفواكه وأفرد الفواكه على حدتها . وقيل : أفردا بالذكر لأن النخل ثمره فاكهة وطعام ، والرمان فاكهة ودواء ، فلم يخلصا للتفكه ، ومنه قال أبو حنيفة رحمه الله :
الثانية- إذا حلف أن لا يأكل فاكهة فأكل رمانا أو رطبا لم يحنث . وخالفه صاحباه والناس . قال ابن عباس : الرمانة في الجنة مثل البعير المُقَتَّب . وذكر ابن المبارك قال : أخبرنا سفيان عن حماد عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : نخل الجنة جذوعها زمرد أخضر ، وكرانيفها ذهب أحمر ، وسعفها كسوة لأهل الجنة ، منها مقطعاتهم وحللهم ، وثمرها أمثال القلال والدلاء ، أشد بياضا من اللبن ، وأحلى من العسل ، وألين من الزبد ، ليس فيه عَجَم{[14593]} . قال : وحدثنا المسعودي عن عمرو بن مرة عن أبي عبيدة ، قال : نخل الجنة نضيد من أصلها إلى فرعها ، وثمرها أمثال القلال كلما نزعت ثمرة عادت مكانها أخرى ، وإن ماءها ليجري في غير أخدود ، والعنقود اثنا عشر ذراعا .