28- { فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ } .
23- روي أن أعرابيا قال للنبي صلى الله عليه وسلم : يا رسول الله ، لقد ذكر الله في القرآن شجرة مؤذية ، وما كنت أرى أن في الجنة شجرة تؤذي صاحبها ، قال : " وما هي " ؟ ، قال : السِّدر ، فإن له شوكا . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أليس الله يقول : فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ . خضد الله شوكه ، فجعل مكان كل شوكة ثمرة " .
قوله تعالى : { في سدر مخضود } لا شوك فيه ، كأنه خضد شوكه ، أي قطع ونزع منه ، هذا قول ابن عباس وعكرمة . وقال الحسن : لا يعقر الأيدي ، قال ابن كيسان : هو الذي لا أذى فيه ، قال : وليس شيء من ثمر الجنة في غلف كما يكون في الدنيا من الباقلاء وغيره بل كلها مأكول ومشروب ومشموم ومنظور إليه . قال الضحاك ومجاهد : هو الموقر حملاً . قال سعيد بن جبير : ثمارها أعظم من القلال . قال أبو العالية والضحاك : ونظر المسلمون إلى وج -وهو واد مخصب بالطائف- فأعجبهم سدرها ، وقالوا : يا ليت لنا مثل هذا فأنزل الله هذه الآية .
{ في سدر مخضود } السدر شجر معروف ، قال ابن عطية هو الذي يقال له شجر أم غيلان وهو كثير في بلاد المشرق وهي في بعض بلاد الأندلس دون بعض والمخضود الذي لا شوك له كأنه خضد شوكه ، وذلك أن سدر الدنيا له شوك ، فوصف سدر الجنة بضد ذلك ، وقيل : المخضود هو الموقر الذي انثنت أغصانه من كثرة حمله فهو على هذا من خضد الغصن إذا ثناه .
ولما عبر عنهم بما أفهم أنهم أولو القوة والجد في الأعمال ، والبركة في جمع الأحوال ، ذكر عيشهم بادئاً بالفاكهة لأن عيش الجنة كله تفكه ، ذاكراً منها ما ينبت في بلاد العرب من غير كلفة بغرس ولا خدمة ، وأشار إلى كثرة ما يذكره بأن جعله ظرفهم ، فقال من غير ذكر لسرير الملك الذي حبا به المقربين من الملك ، ولم يزد على ذلك المأكول وما معه بما يتصور للبهائم : { في سدر } أي شجر نبق متدلي الأغصان من شدة حمله ، من سدر الشعر - إذا سدله { مخضود * } أي هو مع أنه لا شوك له ولا عجم بحيث تنثني أغصانه من شدة الحمل ، من خضد الشوك : قطعه ، والغصن : ثناه وهو رطب ، وفي ذكر هذا{[62107]} تنبيه على أن كل ما لا نفع فيه أو فيه نوع أذى له في الجنة وجود كريم لأن الجنة إنما خلقت للنعيم .