روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي  
{فِي سِدۡرٖ مَّخۡضُودٖ} (28)

وقوله سبحانه : { فِي سِدْرٍ مَّخْضُودٍ } خبر ثان له ، أو خبر لمبتدأ محذوف أي هم في سدر ، والجملة استئناف لبيان ما أبهم في قوله عز وجل : { مَا أصحاب اليمين } من علو الشأن ، وإما معترضة والخبر هو قوله تعالى شأنه : { فِى سِدْرٍ } وجوز أن تكون تلك الجملة في موضع الصفة والخبر هو هذا الجار والمجرور ، والجملة عطف على قوله تبارك وتعالى في شرح أحوال السابقين : { أُوْلَئِكَ المقربون فِي جنات النعيم } [ الواقعة : 11 ، 12 ] أي { وأصحاب اليمين } المقول فيهم { مَا أصحاب اليمين } كائنون { فِى سِدْرٍ } الخ ، والظاهر أن التعبير بالميمنة فيما مر ، وباليمين هنا للتفنن وكذا يقال في المشأمة والشمال فيما بعد ، وقال الإمام : الحكم في ذلك أن في الميمنة وكذا المشأمة دلالة على الموضع والمكان والأزواج الثلاثة في أول الأمر يتميز بعضهم عن بعض ويتفرقون بالمكان فلذا جيء أولا بلفظ يدل على المكان وفيما بعد يكون التميز والتفرق بأمر فيهم فلذا لم يؤت بذلك اللفظ ثانياً ، والسدر شجر النبق ، والمخضود الذي خضد أي قطع شوكه ، أخرج الحاكم وصححه . والبيهقي عن أبي أمامة قال : «كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولون إن الله تعالى ينفعنا بالأعراب ومسائلهم أقبل أعرابي يوماً فقال : يا رسول الله لقد ذكر الله تعالى في القرآن شجرة مؤذية وما كنت أرى أن في الجنة شجرة تؤذي صاحبها قال : وما هي ؟ قال : السدر فإن له شوكا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أليس الله يقول : { فِى سِدْرٍ مَّخْضُودٍ } خضد الله شوكه فجعل مكان كل شوكة ثمرة وأن الثمرة من ثمره تفتق عن اثنين وسبعين لوناً من الطعام ما فيها لون يشبه الآخر » .

وأخرج عبد بن حميد عن بن عباس . وقتادة . وعكرمة . والضحاك أنه الموقر حملا على أنه من خضد الغصن إذا ثناه وهو رطب فمخضود مثنى الأغصان كني به عن كثير الحمل .

وقد أخرج ابن المنذر عن يزيد الرقاشي أن النبقة أعظم من القلال والظرفية مجازية للمبالغة في تمكنهم من التنعم والانتفاع بما ذكر .