الآزفة : الساعة الموصوفة في القرآن بقربها .
57-58- { أزفت الآزفة* لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ } .
اقترب العذاب الذي يأخذ بزمام الكافرين ، ولا يستطيع أحد أن يدفع هوله ورعبه ، ولا يقدر على ذلك إلا الله .
المراد : اقتربت القيامة ، كما قال سبحانه وتعالى : { اقتربت الساعة . . . } ( القمر : 1 ) .
وقال تعالى : { وما يُدريك لعل الساعة قريب . } ( الشورى : 17 ) .
وقد روى الشيخان ، وأحمد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " بعثت أنا والساعة هكذا " ، وأشار بأصبعيه : السبابة والوسطىxvii .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
{أزفت الأزفة} يعني اقتربت الساعة...
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
وقوله:"أزِفَتِ الآزِفَةُ "يقول: دنت الدانية. وإنما يعني: دنت القيامة القريبة منكم أيها الناس. يقال منه: أزف رَحيل فلان: إذا دنا وقَرُب.
تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :
"أزِفَت الآزِفة" أي قرُبت القيامة؛ سمّى الله سبحانه وتعالى القيامة بأسماء مختلفة: مرة الآزفة، ومرة الساعة، ومرة القيامة؛ فسمّاها آزفة لقربها إلى الخلق ووقوعها عليهم، وكذلك الساعة...
التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :
وإنما سميت القيامة آزفة، وهي الدانية، لأن كل آت قريب، فالقيامة قد قربت بالإضافة إلى ما مضى من المدة من لدن خلق الله الدنيا.
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :
{أزفت الآزفة} كل يوم يزداد قربها فهي كائنة قريبة وازدادت في القرب، ويحتمل أن يكون كقوله تعالى: {وقعت الواقعة} أي قرب وقوعها وأزفت فاعلها في الحقيقة القيامة أو الساعة، فكأنه قال: أزفت القيامة الآزفة أو الساعة أو مثلها.
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
{أزفت الآزفة} أي دنت الساعة الدانية في نفسها التي وصفت لكم بالفعل بالقرب غير مرة لأنها محط الحكمة وإظهار العظمة، وما خلق الخلق إلا لأجلها، المشتملة على الضيق وسوء العيش من القيامة، وكل ما وعدتموه في الدنيا مما يكون به ظهور هذا الدين وقمع المفسدين...
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
تتنزل هذه الجملة من التي قبلها منزلة البيان للإِنذار الذي تضمّنه قوله: {هذا نذير} [النجم: 56]. فالمعنى: هذا نذير بآزفة قربت، وفي ذكر فعل القرب فائدة أخرى زائدة على البيان وهي أن هذا المنذَر به دَنا وقته، فإنّ: أزف معناه: قَرب وحقيقته القرب المكاني، واستعير لقرب الزمان لكثرة ما يعاملون الزمان معاملة المكان. والتنبيه على قرب المنذر به من كمال الإِنذار للبدار بتجنب الوقوع فيما ينذر به. وجيء لفعل {أزفت} بفاعل من مادة الفعل للتهويل على السامع لتذهب النفس كل مذهب ممكن في تعيين هذه المحادثة التي أزفت، ومعلوم أنها من الأمور المكروهة لورود ذكرها عقب ذكر الإِنذار...
والتعريف في {الآزفة} تعريف الجنس، ومنه زيادة تهويل بتمييز هذا الجنس من بين الأجناس لأن في استحضاره زيادة تهويل...
،والكلام يحتمل آزفة في الدنيا من جنس ما أُهلك به عاد وثمود وقوم نوح فهي استئصالهم يوم بدر، ويحتمل آزفة وهي القيامة. وعلى التقديرين فالقرب مراد به التحقق وعدم الانقلاب منها كقوله تعالى: {اقتربت الساعة} [القمر: 1]
وقوله تعالى: {أَزِفَتِ ٱلآزِفَةُ} [النجم: 57] أي: اقتربتْ الساعة فكأنه صلى الله عليه وسلم جاء على فم الساعة، فبعد أنْ قال {هَـٰذَا نَذِيرٌ} [النجم: 56] أعقبها {أَزِفَتِ ٱلآزِفَةُ} [النجم: 57].
لذلك جاء في الحديث الشريف: "بُعثت أنا والساعة كهاتين، وأشار بالسبابة والوسطى " فبعثته صلى الله عليه وسلم تُعد من علامات الساعة.
وقد خاطبه ربه تعالى بقوله: { فِيمَ أَنتَ مِن ذِكْرَٰهَا } [النازعات: 43] أي: من ذكرى الساعة وعلاماتها. وما دام أزفت الآزفة واقتربتْ فانتبه، فهذه آخر الرسالات فتعلّق بها وتمسّك بهذا الرسول الخاتم والنذير الأخير الذي ليس بعده نذير، فانْجُ به.
ونفهم من معنى {أَزِفَتِ} [النجم: 57] اقتربتْ أنها هي التي تسعى إليك وتطلبك بخطوات حثيثة تسرع إليك. وبعد قليل في أول القمر سيقول: { ٱقْتَرَبَتِ ٱلسَّاعَةُ } [القمر: 1].
قوله تعالى : " أزفت الآزفة " أي قربت الساعة ودنت القيامة . وسماها آزفة لقرب قيامها عنده ، كما قال : " يرونه بعيدا ونراه قريبا{[14441]} " [ المعارج : 6 - 7 ] . وقيل : سماها آزفة لدنوها من الناس وقربها منهم ليستعدوا لها ؛ لأن كل ما هو آت قريب . قال :
أزِفَ التَّرَحُلُّ غيرَ أن رِكَابنا *** لمَّا تزلْ برحالنا وَكَأَنْ قَدِ
وفي الصحاح : أزف الترحل يأزف أزفا أي دنا وأفد ، ومنه قوله تعالى : " أزفت الآزفة " يعني القيامة ، وأزف الرجل أي عجل فهو آزف على فاعل ، والمتآزف القصير وهو المتداني . قال أبو زيد : قلت لأعرابي ما المحبنطئ ؟ قال : المتكأكئ . قلت : ما المتكأكئ ؟ قال : المتآزف . قلت : ما المتآزف ؟ قال : أنت أحمق وتركني ومر .
ولما كان كل آت قريباً ، وكانت الساعة - وهي ما أنذر به من القيامة ومما دونها - لا بد من إتيانها لما وقع من الوعد الصادق به المتحف بالدلائل التي لا تقبل شكاً بوجه من الوجوه ، فكان باعتبار ذلك لا شيء أقرب منها ، قال دالاً على ذلك بصيغة الماضي الذي قد تحقق وقوعه وباشتقاق الواقع الفاعل مما منه الفعل : { أزفت الآزفة * } أي دنت الساعة الدانية في نفسها التي وصفت لكم بالفعل بالقرب غير مرة لأنها محط الحكمة وإظهار العظمة ، وما خلق الخلق إلا لأجلها ، المشتملة على الضيق وسوء العيش من القيامة ، وكل ما وعدتموه في الدنيا مما يكون به ظهور هذا الدين وقمع المفسدين .
قوله : { أزفت الأزفة } أزفت ، بمعنى قربت . والآزفة ، هي الموصوفة بالقرب وهي القيامة أي قربت القيامة . وسميت بالآزفة ، لدنو موعدها وشدة قربها من الناس ، فأجدر بالناس أن يحذروا الآخرة ، وأن يتعظوا ويتقوا ربهم ويجتنبوا معاصيه .
والتعبير بمثل هذه العبارة لا جرم يثير الانتباه ويبعث على الاهتمام والتيقظ والحذر . فما يتلو القارئ المتدبر هذه العبارة إلا ويستشعر في خياله وعميق إحساسه ظلال الساعة وأن أوانها قد دنا واقترب .