المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{هَمَّازٖ مَّشَّآءِۭ بِنَمِيمٖ} (11)

10 - ولا تترك ما أنت عليه من مخالفتك كُلّ كَثِيرِ الحلف ، حقير ، عيّاب ، مغتاب ، نقّال للحديث بين الناس على وجه الإفساد بينهم ، شديد الصد عن الخير ، معتد ، كثير الآثام ، غليظ القلب ، جاف الطبع ، لئيم معروف الشر . فوق ما له من تلك الصفات الذميمة .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{هَمَّازٖ مَّشَّآءِۭ بِنَمِيمٖ} (11)

{ هَمَّازٍ } أي : كثير العيب [ للناس ] والطعن فيهم{[1191]}  بالغيبة والاستهزاء ، وغير ذلك .

{ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ } أي : يمشي بين الناس بالنميمة ، وهي : نقل كلام بعض الناس لبعض ، لقصد الإفساد بينهم ، وإلقاء العداوة والبغضاء .


[1191]:- كذا في ب، وفي أ: في الناس.
 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{هَمَّازٖ مَّشَّآءِۭ بِنَمِيمٖ} (11)

وهو هماز . . يهمز الناس ويعيبهم بالقول والإشارة في حضورهم أو في غيبتهم سواء . وخلق الهمز يكرهه الإسلام أشد الكراهية ؛ فهو يخالف المروءة ، ويخالف أدب النفس ، ويخالف الأدب في معاملة الناس وحفظ كراماتهم صغروا أم كبروا . وقد تكرر ذم هذا الخلق في القرآن في غير موضع ؛ فقال : ( ويل لكل همزة لمزة ) . . وقال : ( يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن . ولا تلمزوا أنفسكم . ولا تنابزوا بالألقاب )وكلها أنواع من الهمز في صورة من الصور . .

وهو مشاء بنميم . يمشي بين الناس بما يفسد قلوبهم ، ويقطع صلاتهم ، ويذهب بموداتهم . وهو خلق ذميم كما أنه خلق مهين ، لا يتصف به ولا يقدم عليه إنسان يحترم نفسه أو يرجو لنفسه احتراما عند الآخرين . حتى أولئك الذين يفتحون آذانهم للنمام ، ناقل الكلام ، المشاء بالسوء بين الأوداء . حتى هؤلاء الذين يفتحون آذانهم له لا يحترمونه في قرارة نفوسهم ولا يودونه .

ولقد كان رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] ينهى أن ينقل إليه أحد ما يغير قلبه على صاحب من أصحابه . وكان يقول : " لا يبلغني أحد عن أحد من أصحابي شيئا فإني أحب أن أخرج إليكم وأنا سليم الصدر " .

وثبت في الصحيحين من حديث مجاهد عن طاووس عن ابن عباس قال : مر رسول الله - صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم - بقبرين ، فقال : " إنهما ليعذبان ، وما يعذبان في كبير . أما أحدهما فكان لا يستتر من البول ، وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة " .

وروى الإمام أحمد - بإسناده - عن حذيفة قال : سمعت رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] يقول : " لا يدخل الجنة قتات " أي نمام [ ورواه الجماعة إلا ابن ماجه ] .

وروى الإمام أحمد كذلك - بإسناده - عن يزيد بن السكن . أن النبي [ صلى الله عليه وسلم ] قال : " ألا أخبركم بخياركم ? " قالوا : بلى يا رسول الله . قال : " الذين إذا رؤوا ذكر الله عز وجل " ثم قال : " ألا أخبركم بشراركم ? المشاءون بالنميمة المفسدون بين الأحبة ، الباغون للبرآء العيب " .

ولم يكن بد للإسلام أن يشدد في النهي عن هذا الخلق الذميم الوضيع ، الذي يفسد القلب ، كما يفسد الصحب ، ويتدنى بالقائل قبل أن يفسد بين الجماعة ، ويأكل قلبه وخلقه قبل أن يأكل سلامة المجتمع ، ويفقد الناس الثقة بعضهم ببعض ، ويجني على الأبرياء في معظم الأحايين !

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{هَمَّازٖ مَّشَّآءِۭ بِنَمِيمٖ} (11)

الهمّاز كثير الهمزة . وأصل الهمز : الطعن بعود أو يد ، وأطلق على الأذى بالقول في الغيبة على وجه الاستعارة وشاع ذلك حتى صار كالحقيقة وفي التنزيل { ويل لكلّ هُمَزَة } [ الهمزة : 1 ] .

وصيغة المبالغة راجعة إلى قوة الصفة ، فإذا كان أذى شديداً فصاحبه { همّاز } وإذا تكرر الأذى فصاحبه { همّاز } .

المشَاء بالنميم : الذي يَنِمّ بين الناس ، ووصفه بالمشّاء للمبالغة . والقول في هذه المبالغة مثل القول في { هَمَّازهَمَّازٍ مَّشَّآءِ } وهذه رَابعَة المذامّ .

والمشي : استعارة لتشويه حاله بأنه يتجشم المشقة لأجل النميمة مثل ذِكر السعي في قوله تعالى : { ويسعَوْن في الأرض فساداً } [ المائدة : 64 ] ، ذلك أن أسماء الأشياء المحسوسة أشدّ وقعاً في تصوّر السامع من أسماء المعقولات ، فذِكر المشي بالنميمة فيه تصوير لحال النمّام ، ألا ترى أن قولك : قُطِع رأسُه أوقعُ في النفس من قولك : قُتِل ، ويدل لذلك أنه وقع مثله في قول النبي صلى الله عليه وسلم « وأمَّا الآخَرُ فكان يمشي بالنميمة »

والنميم : اسم مرادف للنميمة ، وقيل : النميم جمع نميمة ، أي اسمُ جمع لنميمة إذا أريد بها الواحدة وصيرورتُها اسماً .