اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{هَمَّازٖ مَّشَّآءِۭ بِنَمِيمٖ} (11)

قوله { هَمَّازٍ } ، الهماز : مثال مبالغة من الهمز ، وهو في اللغة الضرب طعناً باليد والعصا ، واستعير للمغتاب الذي يغتاب الناس كأنه يضربهم بإيذائه .

قال ابن زيد : الهمَّاز : الذي يهمز الناس بيده ويضربهم{[57570]} ، واللمّاز : باللسان .

وقيل الهمَّاز الذي يذكر الناس في وجوههم ، واللمَّازُ : الذي يذكرهم في مغيبهم .

وقال مقاتل بالعكس ، وقال مرة : هما سواء ، ونحوه عن ابن عباس وقتادة .

قال الشاعر : [ البسيط ]

4811 - تُدْلِي بودٍّ إذَا لاقَيْتنِي كَذِباً*** وإنْ تغَيَّبْتُ كُنْتَ الهَامِزَ اللُّمَزَهْ{[57571]}

والنميم : قيل : هو مصدر النميمة .

وقيل : هو جمعها أي اسم جنس ك «تمرةٍ وتمرٍ » ، وهو نقل الكلام الذي يسوء سامعه ، ويحرش بين الناس .

وقال الزمخشري : والنميم والنميمة : السعاية ، وأنشدني بعض العرب : [ الرجز ]

4812 - تَشَبَّبِي تَشَبُّبَ النَّميمهْ*** تَمْشِي بِهَا زَهْراً إلى تَمِيْمَه

والمشاء : مثال مبالغة من المشي ، أي : يكثر السعاية بين الناس ليفسد بينهم ، يقال : نَمَّ يَنِمُّ نميماً ونَمِيمَة ، أي : يمشي ويسعى بالفسادِ .

وقال عليه الصلاة والسلام : «لا يَدخُلُ الجَنَّة نَمَّامٌ » .

والعتل : الذي يعتل الناس ، أي : يحملهم ، ويجرهم إلى ما يكرهون من حبس وضربٍ ومنه : { خُذُوهُ فاعتلوه }[ الدخان : 47 ] .

وقيل : العتل : الشديد الخصومة .

وقال أبو عبيدة : هو الفاحش اللئيم .

وأنشد :

4813 - بِعُتُلٍّ مِنَ الرِّجالِ زَنِيمٍ*** غيْرِ ذِي نَجْدةٍ وغَيْرِ كَريمِ

وقيل : الغليظ الجافي .

ويقال : عَتَلْتُه وعَتنتُهُ باللام والنون . نقله يعقوب .

وقيل : العتل : الجافي الشديد في كفره .

وقال الكلبيُّ والفراء : هو الشديد الخصومة بالباطل .

قال الجوهري : ويقال : عَتَلْتُ الرجل أعْتِلُهُ وأعْتُلُهُ إذا جذبته جذباً عنيفاً . ورجل مِعْتَل - بالكسر - ، والعَتَل أيضاً : الرمح الغليظ ، ورجل عَتِلٌ - بالكسر - بين العتل ، أي سريع إلى الشَّر ويقال : لا أنعتل معك ، أي : لا أبرح مكاني .

وقال عبيد بن عمير : العتل : الأكول الشروب القوي الشديد يوضع في الميزان فلا يزن شعيرة ، يدفع الملك من أولئك في جهنم بالدفعة الواحدة سبعين ألفاً .

والزنيم : الدعي بنسب إلى قوم ليس منهم .

قال حسانُ رضي الله عنه : [ الطويل ]

4814 أ- زَنِيمٌ تَداعَاهُ الرِّجالُ زِيادَةً*** كَمَا زيدَ في عَرْضِ الأديمِ الأكَارعُ

وقال أيضاً : [ الوافر ]

4814 ب - زَنِيمُ ليسَ يُعْرَفُ مَنْ أبُوهُ*** بَغِيُّ الأمِّ ذُو حسب لَئِيم

وقال أيضاً : [ الطويل ]

4815 - وأنْتَ زَنِيمٌ نيطَ في آلِ هَاشمٍ*** كَمَا نِيطَ خَلْفَ الرَّاكبِ القَدَحُ الفَرْد

وأصله : من الزنمةِ ، وهي ما بقي من جلد الماعز معلقاً في حلقها يترك عند القطع ، فاستعير للدعي ، لأنه كالمعلق بما ليس منه .

فصل فيمن هو الحلاف المهين

تقدم القول في «الحلاف المَهين » ، عن الشعبي والسديِّ وابن إسحاقَ : أنه الأخنس بن شريق ، وعلى قول غيرهم : أنه الأسود بن عبد يغوث ، أو عبد الرحمن بن الأسود ، أو الوليد بن المغيرة ، أو أبو جهل بن هشام ، وتقدم تفسير «الهَمَّاز والمشَّاء بنميمٍ » .


[57570]:أخرجه الطبري في "تفسيره" (12/183).
[57571]:البيت لزياد الأعجم ويروى صدره كما في الديوان (78): إذا لقيتك عن شمط تكاشرني *** ... وينظر مجاز القرآن 1/263 برواية: إذا لقيتك تبدي لي مكاشرة *** ... ينظر القرطبي 18/152 ولسان العرب (حمز)، ومجمع البيان 10/817.