الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{هَمَّازٖ مَّشَّآءِۭ بِنَمِيمٖ} (11)

والهمَّازُ الذي يَقَعُ في النّاسِ بلسَانِه ، قال منذر بن سعيد : وبعَيْنِهِ وإشارَتِه ، و( النَّمِيمُ ) مَصْدَرٌ كالنَّمِيمَةِ ، وهو نَقْل مَا يَسْمَعُ مما يسوءُ ويُحَرِّشُ النفوسَ ، قال أبو عمر بن عبد البر في كتابهِ المسمَّى ب«بهجةِ المجالس » قال النبي صلى الله عليه وسلم : " مَنْ كَفَّ عَنْ أعْرَاضِ المُسْلِمِينَ لِسَانَه ؛ أقَالَه اللَّهُ يَوْمَ القِيَامَةِ عَثَرَتَه " ، وقال عليه الصَّلاةُ والسَّلام : " شِرَارُكُمْ أيُّهَا النَّاسُ المشَّاءونَ بالنَّمِيمَةِ ، المُفَرِّقُونَ بَيْنَ الأَحِبَّةِ ، البَاغُونَ لأَهْلِ البِرِّ العَثَرَاتِ " انتهى . ورَوَى حذيفةُ أَن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لاَ يَدْخُلُ الجَنَّةَ قَتَّاتٌ " ، وهو النَّمَّامُ ، وذَهَبَ كثيرٌ مِنَ المفسِّرِينَ إلى أنَّ هذهِ الأوْصَافَ هي أجْنَاس لَمْ يُرَدْ بها رجلٌ بعينهِ ، وقالت طائفة : بَلْ نزلت في معيَّنٍ ، واختلفوا فيه ، فقال بعضهم : هو الوليدُ بن المغيرةِ ، وقيل هو : الأخْنَسُ بن شريق ، ويؤيد ذلكَ أنه كانَتْ له زَنَمَةٌ في حَلْقِه كَزَنَمَةِ الشَّاةِ ، وأيضاً فكانَ من ثَقِيفٍ مُلْصَقاً في قُرَيْشٍ ، وقيل : هو أبو جهلٍ ، وقيل : هو الأسودُ بن عَبْدِ يَغُوثَ ، قال ( ع ) : وظاهرُ اللفظ عمومُ مَنِ اتَّصَفَ بهذهِ الصفاتِ ، والمخاطبَةُ بهذا المعنى مستمرة بَاقِيَ الزَّمانِ ، لاسيما لِوُلاَةِ الأُمور .