وأخبره أن فرعون وقومه سيتبعونه ، فخرجوا أول الليل ، جميع بني إسرائيل هم ونساؤهم وذريتهم ، فلما أصبح أهل مصر إذا ليس فيها منهم داع ولا مجيب ، فحنق عليهم عدوهم فرعون ، وأرسل في المدائن ، من يجمع له الناس ويحضهم على الخروج في أثر بني إسرائيل ليوقع بهم وينفذ غيظه ، والله غالب على أمره ، فتكاملت جنود فرعون فسار بهم يتبع بني إسرائيل ، فأتبعوهم مشرقين ، { فلما تراءى الجمعان قال أصحاب موسى إنا لمدركون } وقلقوا وخافوا ، البحر أمامهم ، وفرعون من ورائهم ، قد امتلأ عليهم غيظا وحنقا ، وموسى مطمئن القلب ، ساكن البال ، قد وثق بوعد ربه ، فقال : { كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ } فأوحى الله إليه أن يضرب البحر بعصاه ، فضربه ، فانفرق اثني عشر طريقا ، وصار الماء كالجبال العالية ، عن يمين الطرق ويسارها ، وأيبس الله طرقهم التي انفرق عنها الماء ، وأمرهم الله أن لا يخافوا من إدراك فرعون ، ولا يخشوا من الغرق في البحر ، فسلكوا في تلك الطرق .
فجاء فرعون وجنوده ، فسلكوا وراءهم ، حتى إذا تكامل قوم موسى خارجين وقوم فرعون داخلين ، أمر الله البحر فالتطم عليهم ، وغشيهم من اليم ما غشيهم ، وغرقوا كلهم ، ولم ينجح منهم أحد ، وبنو إسرائيل ينظرون إلى عدوهم ، قد أقر الله أعينهم بهلاكه{[520]}
ثم قال تعالى : { فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ }{[19448]} أي : البحر { مَا غَشِيَهُمْ } أي : الذي هو معروف ومشهور . وهذا يقال عند الأمر المعروف المشهور ، كما{[19449]} قال تعالى : { وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى فَغَشَّاهَا مَا غَشَّى } [ النجم : 53 ، 54 ] ، وكما قال الشاعر :
القول في تأويل قوله تعالى : { فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُمْ مّنَ الْيَمّ مَا غَشِيَهُمْ * وَأَضَلّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَمَا هَدَىَ } .
يقول تعالى ذكره : فسرى موسى ببني إسرائيل إذ أوحينا إليه أن أَسْربهم ، فأتبعهم فرعون بجنوده حين قطعوا البحر ، فغشي فرعون وجنده من اليم ما غشيهم ، فغرقوا جميعا
{ فأتبعهم فرعون بجنوده } وذلك أن موسى عليه السلام خرج بهم أول الليل فأخبر فرعون بذلك فقص أثرهم ، والمعنى فأتبعهم فرعون نفسه ومعه جنوده فحذف المفعول الثاني . وقيل { فأتبعهم } بمعنى فأتبعهم ويؤيده القراءة به والباء للتعدية وقيل الباء مزيدة والمعنى : فاتبعهم جنوده وذادهم خلفهم . { فغشيهم من اليم ما غشيهم } الضمير لجنوده أوله ولهم وفيه مبالغة ووجازة أي : غطاهم ما غطاهم والفاعل هو الله تعالى أو ما غشاهم أو فرعون لأنه الذي ورطهم للهلاك .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.