المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{ءَأَنتُمۡ تَزۡرَعُونَهُۥٓ أَمۡ نَحۡنُ ٱلزَّـٰرِعُونَ} (64)

63 - أفرأيتم ما تبذرونه من الحب في الأرض ؟ أأنتم تنبتونه أم نحن المنبتون له وحدنا ؟ .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{ءَأَنتُمۡ تَزۡرَعُونَهُۥٓ أَمۡ نَحۡنُ ٱلزَّـٰرِعُونَ} (64)

{ أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ } أي : أأنتم أخرجتموه نباتا من الأرض ؟ أم أنتم الذين نميتموه ؟ أم أنتم الذين أخرجتم سنبله وثمره حتى صار حبا حصيدا وثمرا نضيجا ؟ أم الله الذي انفرد بذلك وحده ، وأنعم به عليكم ؟ وأنتم غاية ما تفعلون أن تحرثوا الأرض وتشقوها وتلقوا فيها البذر ، ثم بعد ذلك لا علم عندكم بما يكون بعد ذلك ، ولا قدرة لكم على أكثر من ذلك ومع ذلك ، فنبههم على أن ذلك الحرث معرض للأخطار لولا حفظ الله وإبقاؤه لكم بلغة ومتاعا إلى حين .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{ءَأَنتُمۡ تَزۡرَعُونَهُۥٓ أَمۡ نَحۡنُ ٱلزَّـٰرِعُونَ} (64)

ثم انتقتل السورة الكريمة إلى بيان الدليل الثانى على صحة البعث وإمكانيته . فقال - تعالى - : { أَفَرَأَيْتُم مَّا تَحْرُثُونَ أَأَنتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزارعون لَوْ نَشَآءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَاماً فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ إِنَّا لَمُغْرَمُونَ بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ } .

والحرث : شق الأرض من أجل زراعتها ، والمراد به هنا : وضع البذر فيها بعد حرثها .

أى : أخبرونى عن البذور التى تلقون بها فى الأرض بعد حرثها ، أأنتم الذين تنبتونها وتصيرونها زرعا بهيجا نضرا أم نحن الذين نفعل ذلك ؟ لا شك أنا نحن الذين نصير هذه البذور زروعا ونباتا يانعا ، ولو نشاء لجعلنا هذا النبات { حُطَاماً } أى مكسرا مهشما يابسا لا نفع فيه ، فظللتم بسبب ذلك { تَفَكَّهُونَ } أى : فصرتم بسبب ما أصاب زرعكم من هلاك ، تتعجبون مما أصابه ، وتتحسرون على ضياع أموالكم ، وتندمون على الجهد الذى بذلتموه من غير فائدة . . .

وأصل التفكه : التنقل فى الأكل من فاكهة إلى أخرى ، ثم استعير للتنقل من حديث إلى آخر ، وهو هنا ما يكون من أحاديثهم المتنوعة بعد هلاك الزرع .

والمراد بالتفكه هنا : التعجب والندم والتحسر على ما أصابهم .

وقوله - سبحانه - : { إِنَّا لَمُغْرَمُونَ } مقول لقول محذوف . أى : فصرتم بسبب تحطيم زروعكم تتعجبون ، وتقولون على سبيل التحسر : إنا لمهلكون بسبب هلاك أقواتنا ، من الغرام بمعنى الهلاك . أو إنا لمصابون بالغرم والاحتياج والفقر ، بسبب ما أصاب زرعنا . من الغرم وهو ذهاب المال بلا مقابل .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{ءَأَنتُمۡ تَزۡرَعُونَهُۥٓ أَمۡ نَحۡنُ ٱلزَّـٰرِعُونَ} (64)

يقول : { . أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ } ؟ وهو شق الأرض وإثارتها والبذر فيها ،

{ أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ } أي : تنبتونه في الأرض { أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ } أي : بل نحن الذين نُقِرُّه قراره وننبته في الأرض .

قال ابن جرير : وقد حدثني أحمد بن الوليد القرشي ، حدثنا مسلم بن أبي مسلم الجَرْمي ، حدثنا مخلد بن الحسين ، عن هشام ، عن محمد ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تقولن : زرعتُ ، ولكن قل : حرثتُ " قال أبو هريرة : ألم تسمع إلى قوله : { أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ . أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ } .

ورواه البزار ، عن محمد بن عبد الرحيم ، عن مسلم ، الجميع به{[28134]} .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا موسى بن إسماعيل ، حدثنا حماد ، عن عطاء ، عن أبي عبد الرحمن : لا تقولوا : زرعنا ولكن قولوا : حرثنا .

وروي عن حُجْر المدَرِيّ أنه كان إذا قرأ : { أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ } وأمثالها يقول : بل أنت يا رب .


[28134]:- (1) تفسير الطبري (27/114) ورواه ابن حبان في صحيحه برقم (1135) والبيهقي في السنن الكبرى (6/138) من طريق مسلم بن أبي مسلم الجرمي عن مخلد بن الحسين به نحوه وضعفه السيوطي في الدر المنثور (8/23) وأشار البيهقي إلى ضعفه فقال بعد أن ذكره من قول مجاهد: "وقد روى فيه حديث مرفوع غير قوي".
 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{ءَأَنتُمۡ تَزۡرَعُونَهُۥٓ أَمۡ نَحۡنُ ٱلزَّـٰرِعُونَ} (64)

وقف تعالى الكفار على أمر الزرع الذي هو قوام العيش ، وبين لكل مفطور أن الحراث الذي يثير الأرض ويفرق الحب ليس يفعل في نبات الزرع شيء ، وقد يسمى الإنسان زارعاً ، ومنه قوله عز وجل : { يعجب الزراع }{[10918]} [ الفتح : 29 ] لكن معنى هذه الآية : { أأنتم تزرعونه } زرعاً يتم { أم نحن } . وروى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : «لا تقولن زرعت ، ولكن قل حرثت » ، ثم تلا أبو هريرة رضي الله عنه هذه الآية{[10919]} .


[10918]:من الآية(29) من سورة (الفتح).
[10919]:أخرجه البزار، وابن جرير، وابن مردويه، وأبو نعيم، والبيهقي في "شعب الإيمان" وضعفه.(الدر المنثور).

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{ءَأَنتُمۡ تَزۡرَعُونَهُۥٓ أَمۡ نَحۡنُ ٱلزَّـٰرِعُونَ} (64)

فإن فعل ( زرع ) يطلق بمعنى : أنبت ، قال الراغب : الزرع : الإِنبات ، لقوله تعالى : { أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون } فنفى عنهم الزرع ونسبه إلى نفسه اه واقتصر عليه ، ويطلق فعل ( زرع ) بمعنى : بذر الحب في الأرض لقول صاحب « لسان العرب » : زرعَ الحب : بذره ، أي ومنه سمي الحب الذي يبذر في الأرض زريعة لكن لا ينبغي حمل الآية على هذا الإطلاق . فالمعنى : أفرأيتم الذي تحرثون الأرض لأجله ، وهو النبات ما أنتم تنبتونه بل نحن ننبته .

وجملة { أأنتم تزرعونه } الخ بيان لجملة { أفرأيتم ما تحرثون } كما تقدم في { أأنتم تخلقونه } [ الواقعة : 59 ] والاستفهام في { أأنتم تزرعونه } إنكاري كالذي في قوله : { أأنتم تخلقونه .

والقول في موقع { أم } من قوله : { أم نحن الزارعون } كالقول في موقع نظيرتها من قوله : { أم نحن الخالقون } [ الواقعة : 59 ] أي أن ( أم ) منقطعة للإضراب .

وكذلك القول في تقديم المسند إليه على الخبر الفعلي في قوله : { أأنتم تزرعونه } مثل ما في قوله : { أأنتم تخلقونه } [ الواقعة : 59 ] .

وكذلك القول في نفي الزرع عنهم وإثباته لله تعالى يفيد معنى قصر الزَّرع ، أي الإِنبات على الله تعالى ، أي دونهم ، وهو قصر مبالغة لعدم الاعتداد بزرع الناس .

ويؤخذ من الآية إيماء لتمثيل خلق الأجسام خلقاً ثانياً مع الانتساب بين الأجسام البالية والأجسام المجددة منها بنبات الزرع من الحبة التي هي منتسبة إلى سنبلة زرع أخذت هي منها فتأتي هي بسنبلة مثلها .