وقوله : { انطلقوا إلى ظِلٍّ ذِي ثَلاَثِ شُعَبٍ . . } بدل مما قبله ، وأعيد فعل { انطلقوا . . } على سبيل التوكيد ، لقصد الزيادة فى تقريعهم وتوبيخهم .
والمراد بالظل : دخان جهنم ، وسمى بذلك لشدة كثافته ، أى : انطلقوا - أيها المشركون - إلى ظل من دخان جهنم الذى يتصاعد من وقودها ، ثم يتفرق بعد ذلك إلى ثلاث شعب ، شأن الدخان العظيم عندما يرتفع .
وسمى هذا الدخان العظيم الخانق بالظل ، على سبيل التهكم بهم ، إذ هم فى هذه الحالة يكونون فى حاجة شديدة إلى ظل يأوون إلى برده .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
إلى ظلّ دخان ذي ثلاث شعب، وذلك أنه يرتفع من وقودها الدخان فيما ذُكر، فإذا تصاعد تفرّق شعبا ثلاثا، فذلك قوله:"ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ".
تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :
ذكر أن ذلك الظل دخان يخرج من جهنم، فيظنون أنه ظل فيستظلون إليه رجاء أن ينتفعوا به.
أحدهما: أن يكون أصله واحدا، ثم تنشعب منه شعب ثلاث.
والثاني: جائز أن يكون في الأصل ذا شعب ثلاث، تأتي كل شعبة من ناحية ثم تجتمع، فتصير شيئا واحدا.
الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :
انطلقوا» على لفظ الماضي إخباراً بعد الأمر عن عملهم بموجبه؛ لأنهم مضطرون إليه لا يستطيعون امتناعاً منه.
{إلى ظِلٍّ} يعني دخان جهنم، كقوله: {وظل من يحموم} [الواقعة: 43].
{ذِي ثلاث شُعَبٍ} بتشعب لعظمه ثلاث شعب، وهكذا الدخان العظيم تراه يتفرق ذوائب.
وقيل: يخرج لسان من النار فيحيط بالكفار كالسرادق، ويتشعب من دخانها ثلاث شعب، فتظلهم حتى يفرغ من حسابهم؛ والمؤمنون في ظل العرش.
ثم إنه تعالى وصف هذا الظل بصفات:
الصفة الأولى: قوله: {ذي ثلاث شعب} وفيه وجوه:
(أحدها) قال الحسن: ما أدري ما هذا الظل، ولا سمعت فيه شيئا.
(وثانيها) قال قوم المراد بقوله: إلى ظل ذي ثلاث شعب كون النار من فوقهم ومن تحت أرجلهم ومحيطة بهم، وتسمية النار بالظل مجاز من حيث إنها محيطة بهم من كل جانب كقوله: {لهم من فوقهم ظلل من النار ومن تحتهم ظلل}.
(وثالثها) قال قتادة: بل المراد الدخان وهو من قوله: {أحاط بهم سرادقها} وسرادق النار هو الدخان، ثم إن شعبة من ذلك الدخان على يمينه وشعبة أخرى على يساره، وشعبة ثالثة من فوقه.
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
لما كان المراد زيادة تبكيتهم وتقريعهم والتهويل عليهم، كرر الأمر واصفاً ما أمروا بالانطلاق إليه فقال: {انطلقوا} هذا على قراءة الجماعة، و قراءة رويس عن يعقوب بصيغة الماضي للدلالة على تمام انقيادهم هناك، وأنه لا شيء من منعه عندهم أصلاً، وهي استئنافية لجواب من يقول: ما كان حالهم عند هذا الأمر الفظيع؟
{إلى ظل} أي من دخان جهنم الذي سمي باليحموم لما ذكر في الواقعة {ذي ثلاث شعب} ينشعب من عظمه كما ترى الدخان العظيم يتفرق ذوائب...
محاسن التأويل للقاسمي 1332 هـ :
قال الشهاب فيه استعارة تهكمية لتشبيه ما يعلو من الدخان بالظل، وفيه إبداع لأن الظل لا يعلو ذا الظل.
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
{انطلقوا إلى ظل} إلى آخرها بدل اشتمال أو مطابقٌ من جملة {انطلقوا إلى ما كنتم به تكذبون}.
وأعيد فعل {انطلقوا} على طريقة التكرير لقصد التوبيخ أو الإِهانة والدَّفْع، ولأجله أُعيد فعل {انطلقوا} وحرفُ {إلى}.
ومقتضى الظاهر أن يقال: انطلقوا إلى ما كنتُم به تكذبون ظِللٍ ذي ثلاث شعب، فإعادة العامل في البدل للتأكيد في مقام التقريع.
وأريد بالظل دخان جهنم لكثافته، فعبر عنه بالظل تهكماً بهم لأنهم يتشوقون ظلاً يأوون إلى برده.
وأفرد {ظل} هنا لأنه جعل لهم ذلك الدخان في مكان واحد ليكونوا متراصين تحته لأن ذلك التراص يزيدهم ألماً.
وإنما لم يعطف بالفاء لقصد الاستئناف ليكون خبراً آخرَ عن حالهم.
والشُّعَب: اسم جمع شُعبة وهي الفريق من الشيء والطائفة منه، أي ذي ثلاث طوائف وَأريد بها طوائف من الدخان فإن النار إذا عظم اشتعالها تصاعد دخانها من طرفيها ووسطها لشدة انضغاطه في خروجه منها.
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :
(انطلقوا): من مادة (انطلاق) وهو الانتقال من غير مكث، ويظهر منه كذلك الحرية المطلقة، وهذا في الحقيقة توضيح لحالهم في عرصة المحشر إذ يوقفوهم للحساب مدّة طويلة، ثمّ يتركونهم ويقال لهم: انطلقوا إلى جهنّم من غير مكث أو توقف.
ومن الممكن أن يكون المتكلم هنا هو الله تعالى، أو ملائكة العذاب، وعلى كلّ حال فإنّه سياق ممزوج بالتوبيخ الشديد الذي يعتبر بحدّ ذاته عذاباً مؤلماً.
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.