{ 44-46 } { وَإِنْ يَرَوْا كِسْفًا مِنَ السَّمَاءِ سَاقِطًا يَقُولُوا سَحَابٌ مَرْكُومٌ * فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ * يَوْمَ لَا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ }
يقول تعالى في [ ذكر ] بيان أن المشركين المكذبين بالحق الواضح ، قد عتوا [ عن الحق ] وعسوا على الباطل ، وأنه لو قام على الحق كل دليل لما اتبعوه ، ولخالفوه وعاندوه ، { وَإِنْ يَرَوْا كِسْفًا مِنَ السَّمَاءِ سَاقِطًا } أي : لو سقط عليهم من السماء من الآيات الباهرة كسف أي : قطع كبار من العذاب { يَقُولُوا سَحَابٌ مَرْكُومٌ } أي : هذا سحاب متراكم على العادة أي : فلا يبالون بما رأوا من الآيات ولا يعتبرون بها .
{ وَإِن يَرَوْاْ كِسْفاً مِّنَ السمآء سَاقِطاً يَقُولُواْ سَحَابٌ مَّرْكُومٌ } والكِسْف جمع كِسْفة وهى القطعة من الشىء ، والمركوم : المتراكم الذى تجمع بعضه فوق بعض .
أى : وإذا رأى هؤلاء الجاهلون قطعة عظيمة من العذاب نازلة عليهم لتهديدهم وزجرهم . قالوا : هذا النازل علينا سحاب متراكم ، قد اجتمع بعضه فوق بعض ليسقينا ، ولم يصدقوا أنه نذير عذاب شديد لهم . وهذا شأن الطغاة المعاندين ، وقد سبقهم إلى ذلك قوم عاد ، فإنهم حين رأوا العذاب مقبلا نحوهم قالوا { هذا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا } فرد الله - تعالى - عليهم بقوله { بَلْ هُوَ مَا استعجلتم بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ } هذا : والمتأمل فى هذه الآيات الكريمة : يراها قد حملت على المشركين حملة شديدة ، حيث وبختهم على جهالاتهم ، وتحدتهم بأسلوب تعجيزي أن يأتوا بمثل القرآن الكريم ، وتهكمت بهم وبعقولهم الفارغة التى انقادوا لها بدون تفكر أو تدبر ، وبينت أنهم قوم متناقضون مع أنفسهم ، لأنهم يقرون أن الله - تعالى - هو الخالق لهم ولغيرهم ، ومع ذلك فهم يعبدون غيره . وينسبون البنات إليه دون البنين .
وقد ذكر بعض المفسرين أن ما أصابهم من هزيمة يوم بدر ، كان فى السنة الخامسة عشرة من بعثته - صلى الله عليه وسلم - وأن هذه الآيات قد تكرر فيها لفظ " أم " خمس عشرة مرة ، بعدد هذه السنين ، ولذا قالوا : إن ذلك فيه إشارة إلى إعجاز القرآن الكريم .
( وإن يروا كسفا من السماء ساقطا يقولوا : سحاب مركوم ) . .
أي أنه إذا أرسل عليهم العذاب في صورة قطعة من السماء تسقط عليهم وفيها الهلاك ، قالوا وهم يرونها تسقط : ( سحاب مركوم ) . . فيه الماء والحياة ! عنادا منهم أن يسلموا بالحق ، ولو كان السيف على رقابهم كما يقولون ! ولعله يشير بهذا إلى قصة عاد . وقولهم حين رأوا سحابة الموت والدمار : ( عارض ممطرنا ) . . حيث كان الرد : ( بل هو ما استعجلتم به : ريح فيها عذاب أليم تدمر كل شيء بأمر ربها ) . .
يقول تعالى مخبرا عن المشركين بالعناد والمكابرة للمحسوس : { وَإِنْ يَرَوْا كِسْفًا مِنَ السَّمَاءِ سَاقِطًا يَقُولُوا } أي : عليهم يعذبون به ، لما صدقوا ولما {[27525]} أيقنوا ، بل يقولون : هذا { سَحَابٌ مَرْكُومٌ } أي : متراكم . وهذه كقوله تعالى : { وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ . لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ } [ الحجر : 14 ، 15 ] .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.