قوله تعالى : { وَإِن يَرَوا كِسْفاً مِّنَ السماء سَاقِطاً } «إنْ » هذه شرطية على بابها . وقيل : هي بمعنى «لو »{[53298]} . وليس بِشَيءٍ .
وقوله : «سَحَابٌ » خبر مبتدأ مضمر أي هذا سَحَابٌ ، والجملة نَصْبٌ بالقول .
لما بين فَسَاد أقوالهم وسقوطها أشار إلى أنه لم يبق لهم عُذْرٌ ، فإن الآيات والحُجَج قد ظهرت ولم يؤمنوا فبعد ذلك { إِن يَرَوْاْ كِسْفاً } أي قطعةً { مِّنَ السماء سَاقِطاً يَقُولُواْ سَحَابٌ } أي ينكرون كونه آية .
ومعنى الآية لو عذبناهم بسقوط بعض من السماء عليهم لم يَنْتَهُوا عن كفرهم ويقولوا لمعاندتهم : هَذَا سَحَابٌ مَرْكُومٌ أي بعضه على بعض .
قوله : «سَاقِطاً » يحتمل أن يكون مفعولاً ثانياً كقولك : رَأَيْتُ زيداً عَالِمَاً ، وأن يكون حالاً كقولك : ضربته قائماً .
والثاني أولى ؛ لأن الرؤية عند التعدي إلى مفعولين في أكثر الأمر تكونُ بمعنى العلم ، تقول : رَأَيْتُ هَذَا المَذْهَبَ صَحِيحاً وهذا الوجه ظاهراً وعند التعدي إلى واحد تكون بمعنى «رأي العين » في الأكثر ، تقول : رأيت زيداً ؛ قال تعالى : { فلَمَّا رَأَوْاْ بَأْسَنَا } [ غافر : 84 ] وقال : { فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ البشر أَحَداً } [ مريم : 26 ] .
والمراد من الآية رؤية العين{[53299]} .
قولهم : «سَحَابٌ مَرْكومٌ » إشارة إلى أنهم حين يعجزون عن التكذيب ولا يمكنهم أن يعقلوا وقوع شيء على الأرض يَرْجِعون إلى التأويل والتَّخْييل ، وقالوا : سَحَابٌ ولم يقولوا : هذا سحاب إشارة إلى وضوح الأمر وظهور العِنَاد فأتوا بما لا شك فيه . وقالوا : «سحاب مركوم » وحذفوا المبتدأ ليبقى للقائل فيه مجال فيقولون عند تكذيب الخلق إيّاهم : قُلْنَا سَحَابٌ مَرْكُومٌ شبهة أو مثلة . وإن مشى الأمر على{[53300]} عوامِّهم استمروا . وهذه طريق من يخاف من كلام لا يعلم هل يقبل منه أم لا فيجعل كلامه ذَا وَجْهَيْنِ{[53301]} . فإن رأى القبول صرح بمرادهِ ، وإن أنكر عليه أحدهما فَسَّره بالآخَر{[53302]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.