فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{وَإِن يَرَوۡاْ كِسۡفٗا مِّنَ ٱلسَّمَآءِ سَاقِطٗا يَقُولُواْ سَحَابٞ مَّرۡكُومٞ} (44)

{ وَإِن يَرَوْا كِسْفًا مِّنَ السَّمَاء سَاقِطًا يَقُولُوا سَحَابٌ مَّرْكُومٌ( 44 ) فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ ( 45 )يَوْمَ لَا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا وَلَا هُمْ يُنصَرُونَ ( 46 )وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَابًا دُونَ ذَلِكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ( 47 ) }

من قسوة القلوب وعمى البصائر يجحدون كل ما يأتيهم ولو رأته العيون ، كما أخبر عنهم المولى جل شأنه : { ولو فتحنا عليهم بابا من السماء فظلوا فيه يعرجون . لقالوا إنما سكرت أبصارنا بل نحن قوم مسحورون }{[5658]} ، وفي هذه الآية بيان لاستكبارهم ومِرائهم ، وأنه لو أسقط الله عليهم السماء ، كما اقترحوا على النبي ذلك وطلبوا الإتيان به كبرهان على صدقه في دعوى الرسالة ، إذ قالوا ما حكاه القران : { وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا } وبعدها : { أو تسقط السماء كما زعمت علينا كسفا . . . }{[5659]} لو تساقطت على رءوسهم أجزاء السماء لضلوا في طغيانهم وقالوا إن هذا الذي يتهاوى إنما هو سحاب متراكم بعضه فوق بعض ؛ فالله يتوعدهم ويتولى عن نبيه أمر إهلاكهم يوم يموتون ، ويوم يخرجون من الأجداث يتخبطون ، فما لهم من أخلاء ولا أعوان ولا شفعاء يشفعون ، ولا يملكون حيلة ولا من بأس الله يمتنعون ، وإنه لهم بظلمهم عذابا عاجلا قريبا قبل ذاك الشديد الأليم ، ولكن هيهات أن يعلم المستكبرون { . . وإن يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلا وإن يروا سبيل الغي يتخذوه سبيلا . . . }{[5660]} { . . حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون . فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين }{[5661]} .


[5658]:سورة الحجر. الآيتان:15،14.
[5659]:سورة الإسراء. الآية 90 ومن الآية 92.
[5660]:سورة الأعراف. من الآية 146.
[5661]:سورة الأنعام. من الآية 44 والآية 45.