والضمير فى قوله - تعالى - : { فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ } يعود إلى الجنات الأربع : الجنتين المذكورتين فى قوله - تعالى - : { وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ } والجنتين المذكورتين هنا فى قوله - سبحانه - : { وَمِن دُونِهِمَا جَنَّتَانِ } .
ولفظ { خَيْرَاتٌ } فيه وجهان : أحدهما : أنه جمع خَيرة بزنة فعلة بسكون العين - يقال : امرأة خيرة ، وأخرى شرة ، والثانى . أنه جمع خيرة المخفف من خيرة بالتشديد ، ويدل على ذلك قراءة خيرات - بتشديد الياء .
ثم قال : { فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ } قيل : المراد خيرات كثيرة حسنة في الجنة ، قاله قتادة . وقيل : خيرات جمع خيرة ، وهي المرأة الصالحة الحسنة الخُلُق الحسنة الوجه ، قاله الجمهور . وروي مرفوعا عن أم سلمة {[27947]} . وفي الحديث الآخر الذي سنورده في سورة " الواقعة " {[27948]} : أن الحور العين يغنين : نحن الخيرات الحسان ، خلقنا لأزواج كرام . ولهذا قرأ بعضهم : " فيهن خَيّرات " ، بالتشديد { حِسَانٌ . فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } .
وقوله : فِيهِنّ خَيْرَاتٌ حِسانٌ يقول تعالى ذكره : في هذه الجنان الأربع اللواتي اثنتان منهنّ لمن يخاف مقام ربه ، والأُخريان منهنّ من دونهما المدهامتان خيرات الأخلاق ، حِسان الوجوه . كما :
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة فِيهِنّ خَيْرَاتٌ حِسانٌ يقول : في هذه الجنان خيرات الأخلاق ، حِسان الوجوه .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله : خَيْراَتٌ حِسانٌ قال : خيرات في الأخلاق ، حِسان في الوجوه .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : فِيهِنّ خَيْرَاتٌ حِسانٌ قال : الخيرات الحسان : الحور العين .
حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا محمد بن مروان ، قال : حدثنا أبو العوام ، عن قتادة فِيهِنّ خَيْرَاتٌ حِسانٌ قال : خيرات الأخلاق ، حِسان الوجوه .
حدثنا أبو هشام ، قال : حدثنا وكيع ، عن سفيان ، عن جابر ، عن القاسم بن أبي بزّة ، عن أبي عبيد ، عن مسروق ، عن عبد الله فِيهِنّ خَيْرَاتٌ حِسانٌ قال : في كل خيمة زوجة .
حدثنا أحمد بن عبد الرحمن بن وهب ، قال : حدثنا محمد بن الفرج الصّدَفيّ الدمياطي عن عمرو بن هاشم ، عن ابن أبي كريمة ، عن هشام بن حسان ، عن الحسن ، عن أمه ، عن أمّ سلمة قالت قلت : يا رسول الله أخبرني عن قوله : فِيهِنّ خَيْرَاتٌ حِسانٌ قال : «خَيْرَاتُ الأخْلاقِ ، حِسانُ الوُجُوهِ » .
ضمير { فيهن } عائد إلى الجنات الأربع الجنتين الأوليين والجنتين اللتين من دونهما فيجوز أن يكون لصاحب الجنتين الأُوَلَيْن جنتان أخريان فصارت له أربع جنات . ويجوز أن يكون توزيعاً على من خافوا ربهم كما تقدم .
و { وخيرات } صفة لمحذوف يناسب صيغة الوصف ، أي نساء خَيْرات ، وخيرات مخفف من خيرات بتشديد الياء مؤنث خيّر وهو المختص بأن صفته الخير ضد الشر . وخفف في الآية طلباً لخفة اللفظ مع السلامة من اللبس بما أتبع به من وصف { حسان } الذي هو جمع حسناء كما خفف هين ولين في قول الشاعر :
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.