الأولى- قوله تعالى : " فيهن خيرات حسان " يعني النساء الواحدة خيرة على معنى ذوات خير . وقيل : " خيرات " بمعنى خيرات فخفف ، كهين ولين . ابن المبارك : حدثنا الأوزاعي عن حسان بن عطية عن سعيد بن عامر قال : لو أن خيرة من " خيرات حسان " اطلعت من السماء لأضاءت لها ، ولقهر ضوء وجهها الشمس والقمر ، ولَنَصِيفٌ{[14594]} تكساه خيرة خير من الدنيا وما فيها . " حسان " أي حسان الخلق ، وإذا قال الله تعالى : " حسان " فمن ذا الذي يقدر أن يصف حسنهن ! وقال الزهري وقتادة : " خيرات " الأخلاق " حسان " الوجوه . وروي ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث أم سلمة . وقال أبو صالح : لأنهن عذارى أبكار . وقرأ قتادة وابن السميقع وأبو رجاء العطاردي وبكر بن حبيب السهمي " خيرات " بالتشديد على الأصل . وقد قيل : أن خيرات جمع خير والمعنى ذوات خير . وقيل : مختارات . قال الترمذي : فالخيرات ما أختارهن الله فأبدع خلقهن باختياره ، فاختيار الله لا يشبه اختيار الآدميين . ثم قال : " حسان " فوصفهن بالحسن فإذا وصف خالق الحسن شيئا بالحسن فانظر ما هناك . وفي الأوليين ذكر بأنهن " قاصرات الطرف " [ الرحمن : 56 ] و " كأنهن الياقوت والمرجان " [ الرحمن : 58 ] فانظر كم بين الخيرة وهي مختارة الله ، وبين قاصرات الطرف . وفي الحديث : " إن الحور العين يأخذ بعضهن بأيدي بعض ويتغنين بأصوات لم تسمع الخلائق بأحسن منها ولا بمثلها : نحن الراضيات فلا نسخط أبدا ونحن المقيمات فلا نظعن أبدا ونحن الخالدات فلا نموت أبدا ونحن الناعمات فلا نبؤُس أبدا ونحن خيرات حسان حبيبات لأزواج كرام " . خرجه الترمذي بمعناه من حديث علي رضي الله عنه . وقالت عائشة رضي الله عنها : إن الحور العين إذا قلن هذه المقالة أجابهن المؤمنات من نساء أهل الدنيا : نحن المصليات وما صليتن ، ونحن الصائمات وما صمتن ، ونحن المتوضئات وما توضأتن ، ونحن المتصدقات وما تصدقتن . فقالت عائشة رضي الله عنها : فغلبنهن والله .
الثانية- واختلف أيهما أكثر حسنا وأبهر جمالا الحور أو الآدميات ؟ فقيل : الحور لما ذكر من وصفهن في القرآن والسنة ، ولقوله عليه الصلاة والسلام في دعائه على الميت في الجنازة : " وأبدله زوجا خيرا من زوجه " . وقيل : الآدميات أفضل من الحور العين بسبعين ألف ضعف ، وروي مرفوعا . وذكر ابن المبارك : وأخبرنا رشدين عن ابن أنعم{[14595]} عن حيان بن أبي جبلة ، قال : إن نساء الدنيا من دخل منهن الجنة فضلن على الحور العين بما عملن في الدنيا . وقد قيل : إن الحور العين المذكورات في القرآن هن المؤمنات من أزواج النبيين والمؤمنين يخلقن في الآخرة على أحسن صورة ، قاله الحسن البصري . والمشهور أن الحور العين لسن من نساء أهل الدنيا وإنما هن مخلوقات في الجنة ؛ لأن الله تعالى قال : " لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان " وأكثر نساء أهل الدنيا مطموثات ، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن أقل ساكني الجنة النساء " فلا يصيب كل واحد منهم امرأة ، ووعد الحور العين لجماعتهم ، فثبت أنهن من غير نساء الدنيا .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.