اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{فِيهِنَّ خَيۡرَٰتٌ حِسَانٞ} (70)

قوله تعالى : { فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ } .

في «خيرات » وجهان :

أحدهما : أنه جمع «خَيْرة » من الخير ، بزنة «فعْلة » - بسكون العين - يقال : «امرأة خَيْرة وأخرى شَرّة » .

والثاني : أنه جمع «خيرة » المخفف من «خَيِّرة » ، ويدل على ذلك قراءة ابن مقسم والنهدي ، وبكر بن حبيب{[54612]} : «خيّرات » بتشديد الياء .

قال القرطبي{[54613]} : «وهي قراءة قتادة ، وابن السميفع ، وأبي رجاء العطاردي » .

وقرأ أبو عمرو{[54614]} : «خَيَرَات » بفتح الياء ، جمع «خَيَرة » ، وهي شاذة ؛ لأن العين معلة ، إلا أن بني «هُذَيل » تعامله معاملة الصحيح ، فيقولون : «حورات وبيضات »{[54615]} .

وأنشد : [ الطويل ]

أخُو بَيَضَاتٍ رَائِحٌ مُتَأوِّبٌ *** رَفِيقٌ بِمَسْحِ المَنْكِبَيْنِ سَبُوحُ{[54616]}

فصل في تفسير الآية

قال المفسرون : «الخيرات الحسان » يعني النِّساء ، الواحدة «خيرة » على معنى «ذوات خير » .

وقيل : «خيرات » بمعنى «خيِّرات » ، فخفف ك «هَيِّن وليِّن » .

روى الحسن عن أمّه عن أم سلمة رضي الله عنها قالت : «قلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم : أخبرني عن قوله : «خَيْراتٌ حِسَان » قال : «خَيراتُ الأخلاقِ حسانُ الوُجوهِ »{[54617]} .

وقال أبو صالح : لأنَّهُنَّ عَذَارى أبْكَارٌ .

وقال الحكيم الترمذي : ف «الخيرات » ، ما اختارهنّ الله فأبدع خلقهنّ باختياره ، فاختيار الله لا يشبه اختيار الآدميين ، ثم قال : «حِسَانٌ » فوصفهن بالحسن ؛ فإذا وصف الله خالق الحسن شباباً بالحسن ، فانظر ما هناك .

وقال ابن الخطيب{[54618]} : «في باطنهن الخير ، وفي ظاهرهنّ الحسن » .


[54612]:ينظر: المحرر الوجيز 5/235، والبحر المحيط 8/197، والدر المصون 6/249.
[54613]:الجامع لأحكام القرآن 17/122.
[54614]:ينظر: المحرر الوجيز 5/235، والبحر المحيط 8/197، والدر المصون 6/249.
[54615]:ينظر: الدر المصون 6/249.
[54616]:تقدم.
[54617]:أخرجه الطبري في "تفسيره" (11/614) والطبراني في "الكبير" كما في "مجمع الزوائد" (7/122). وقال الهيثمي: رواه الطبراني وفيه سليمان بن أبي كريمة ضعفه أبو حاتم وابن عدي. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/150)، وزاد نسبته إلى ابن مردويه.
[54618]:ينظر: تفسير الفجر الرازي 29/118.