الساعة أدهى : القيامة أعظم داهية وأفظع .
أمرّ : أشد مرارة من عذاب الدنيا .
46- { بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ } .
ليس هذا تمام عقابهم ، بل هناك عقاب أشدّ وهو عقابهم يوم القيامة ، والقيامة أعظم داهية ، وأشد مرارة من القتل والأسر .
وأَدْهَى : مبالغة من الدّاهية ، وهي الأمر الفظيع الذي لا يُهتدى إلى الخلاص منه .
وَأَمَرُّ : مبالغة في شدة المرارة عند الذوق ، على سبيل الاستعارة ، لصعوبتها على النفس .
{ بل الساعة موعدهم } : أي الساعة موعدهم بالعذاب والمراد من الساعة يوم القيامة .
والساعة أدهى وأمر : أي وعذاب الساعة وأهوالها أي هي أي أعظم بلية وأمر أي أشد مرارة من عذاب الدنيا قطعاً .
وقوله تعالى { بل الساعة موعدهم } أي الساعة التي ينكرونها ويكذبون بها هي موعد عذابهم الحق أما عذاب الدنيا فهو ليس شيء إذا قيس بعذاب الآخرة . { والساعة أدهى } أي أعظم بلية وأكبر داهية تصيب الإِنسان وعذابها ، { وأمر } أي وعذابها أمر من عذاب الدنيا كله .
ومع ذلك ، فلهم موعد يجمع به أولهم وآخرهم ، ومن أصيب في الدنيا منهم ، ومن متع بلذاته ، ولهذا قال : { بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ } الذي يحازون به ، ويؤخذ منهم الحق بالقسط ، { وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ } أي : أعظم وأشق ، وأكبر من كل ما يتوهم ، أو يدور بالبال{[940]} .
قوله تعالى : { بل الساعة موعدهم ، والساعة أدهى وأمر } قال سعيد بن المسيب : سمعت عمر ابن الخطاب رضي الله عنه يقول : لما نزلت : { سيهزم الجمع ويولون الدبر } كنت لا أدري أي جمع سيهزم ، فلما كان يوم بدر رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يثب في درعه ويقول : سيهزم الجمع ويولون الدبر ، بل الساعة موعدهم ( والساعة أدهى وأمر ) يعني أعظم داهية وأشد مرارةً من الأسر والقتل يوم بدر .
ولما وقع هذا في الدنيا ، وكان في يوم بدر ، وكان ذلك من أعلام النبوة ، وكان ربما ظن ظان أن ذلك هو النهاية ، كان كأنه قيل : ليس ذلك الموعد الأعظم : { بل الساعة } القيامة التي يكون فيها الجمع الأعظم والهول الأكبر { موعدهم } أي الأعظم للجزاء المتوعد به { والساعة أدهى } من كل ما يفرض وقوعه في الدنيا ، أفعل تفضيل من الداهية وهي أمر هائل لا يهتدي لدوائه { وأمر * } لأن عذابها للكافر غير مفارق ومزايل .