قوله : إنّ هَذَا لَفِي الصّحُفِ الأُولى اختلف أهل التأويل في الذي أشير إليه بقوله هذا ، فقال بعضهم : أُشير به إلى الاَيات التي في «سبح اسم ربك الأعلى » . ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن أبيه ، عن عكرِمة إنّ هَذَا لفِي الصّحُفِ الأُولى صُحُفِ إبْرَاهِيمَ وَمُوسَى يقول : الاَيات التي في سبح اسم ربك الأعلى .
وقال آخرون : قصة هذه السورة . ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا مهران ، عن أبي جعفر ، عن الربيع ، عن أبي العالية إن هَذَا لَفِي الصّحُفِ الأُولى صُحُفِ إبْرَاهِيمَ وَمُوسَى قال : قصة هذه السورة لفي الصحف الأولى .
وقال آخرون : بل معنى ذلك : إن هذا الذي قصّ الله تعالى في هذه السورة لَفِي الصّحُفِ الأُولى . ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله : إنّ هَذَا لَفِي الصّحُفِ الأُولى قال : إن هذا الذي قصّ الله في هذه السورة ، لفي الصحف الأولى صُحُفِ إبْرَاهِيمَ وَمُوسَى .
وقال آخرون : بل عُنِي بذلك في قوله : وَالاَخِرَةُ خَيْرٌ وأبْقَى في الصحف الأولى . ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : إنّ هَذَا لَفِي الصّحُفِ الأُولى قال : تتابعت كتب الله كما تسمعون ، أن الاَخرة خير وأبقى .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : إنّ هَذَا لَفِي الصّحُفِ الأُولى صُحُفِ إبْرَاهِيمَ وَمُوسَى قال : في الصحف التي أنزلها الله على إبراهيم وموسى : أن الاَخرة خير من الأولى .
وأولى الأقوال في ذلك بالصواب ، قول من قال : إن قوله : قَدْ أفْلَحَ مَنْ تَزَكى وَذَكَرَ اسمَ رَبّهِ فَصَلّى بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَياةَ الدّنيْا وَالاَخِرَةُ خَيْرٌ وَأبْقَى : لفي الصحف الأولى ، صحف إبراهيم خليل الرحمن ، وصحف موسى بن عمران .
وإنما قلت : ذلك أولى بالصحة من غيره ، لأن هذا إشارة إلى حاضر ، فلأن يكون إشارة إلى ما قرب منها ، أولى من أن يكون إشارة إلى غيره . وأما الصحف : فإنها جمع صحيفة ، وإنما عُنِي بها : كتب إبراهيم وموسى .
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، عن أبي الخلد ، قال : نزلت صحف إبراهيم في أوّل ليلة من رمضان ، وأنزلت التوراة لستّ ليال خلون من رمضان ، وأنزل الزبور لاثنتي عشرة ليلة ، وأنزل الإنجيل لثماني عشرة ، وأنزل الفرقان لأربع وعشرين .
وقوله تعالى : { إن هذا } قال الضحاك : أراد القرآن ، وروي أن القرآن انتسخ من { الصحف الأولى } وقال سعيد بن جبير عن ابن عباس : الإشارة إلى معاني السورة ، وقال ابن زيد : الإشارة إلى هذين الخبرين «إفلاح من تزكى » وإيثار الناس للدنيا مع فضل الآخرة عليها ، وهذا هو الأرجح لقرب المشار إليه بهذا . وقوله تعالى : { لفي الصحف الأولى } أي لم ينسخ هذا قط في شرع من الشرائع فهو في الأولى وفي الأخيرات ، ونظير هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى : «إذا لم تستحي فاصنع ما شئت {[11758]} » أي أنه مما جاءت به الأولى واستمر في الغي .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
قوله : "إنّ هَذَا لَفِي الصّحُفِ الأُولى" اختلف أهل التأويل في الذي أشير إليه بقوله هذا؛
فقال بعضهم : أُشير به إلى الآيات التي في «سبح اسم ربك الأعلى » ...
وقال آخرون : قصة هذه السورة ...
وقال آخرون : بل معنى ذلك : إن هذا الذي قصّ الله تعالى في هذه السورة لَفِي الصّحُفِ الأُولى ...
وقال آخرون : بل عُنِي بذلك في قوله : "وَالآخِرَةُ خَيْرٌ وأبْقَى" في الصحف الأولى ...
وأولى الأقوال في ذلك بالصواب ، قول من قال : إن قوله : "قَدْ أفْلَحَ مَنْ تَزَكى وَذَكَرَ اسمَ رَبّهِ فَصَلّى بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَياةَ الدّنيْا وَالآخِرَةُ خَيْرٌ وَأبْقَى" : لفي الصحف الأولى ، صحف إبراهيم خليل الرحمن ، وصحف موسى بن عمران .
وإنما قلت : ذلك أولى بالصحة من غيره ، لأن هذا إشارة إلى حاضر ، فلأن يكون إشارة إلى ما قرب منها ، أولى من أن يكون إشارة إلى غيره . وأما الصحف : فإنها جمع صحيفة ، وإنما عُنِي بها : كتب إبراهيم وموسى .
لطائف الإشارات للقشيري 465 هـ :
إن هذا الوعظَ لفي الصحف المتقدمة ، وكذلك في صحف إبراهيم وموسى وغيرهما ؛ لأنَّ التوحيدَ ، والوعدَ والوعيدَ . . . لا تختلف باختلاف الشرائع . ...
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :
{ لفي الصحف الأولى } أي لم ينسخ هذا قط في شرع من الشرائع فهو في الأولى وفي الأخيرة ....
وأما قوله : { والآخرة خير وأبقى } فهو إشارة إلى الترغيب في الآخرة وفي ثواب الله تعالى ، وهذه أمور لا يجوز أن تختلف باختلاف الشرائع ، فلهذا السبب قال : { إن هذا لفي الصحف الأولى } وهذا الوجه كما تأكد بالعقل فالخبر يدل عليه ...
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
{ إن هذا } أي الوعظ العظيم بالتسبيح الذي ذكر في هذه السور وما تأثر عنه من التزكية بالذكر الموجب للصلاة والإعراض عن الدنيا والإقبال على الآخرة ...{ لفي الصحف الأولى } فمن تبع هذا القرآن الذي هو في هذه الصحف الربانية فقد تحلى من زينة اللسان بما ينقله من البيان الذي هو في غاية التحرير وعظم الشأن وما يعلمه من المغيبات مما يكون أو كان ...
تفسير القرآن للمراغي 1371 هـ :
ثم بين أن الأصول العامة التي جاءت في هذه الشريعة هي بعينها التي جاءت في جميع الشرائع السماوية... وقصارى ذلك : إن الرسول صلى الله عليه وسلم ما جاء إلا مذكرا بما نسيته الأجيال من شرائع المرسلين ، وداعيا إلى وجهها الصحيح الذي أفسده كرّ الغداة ومرّ العشي ....
في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :
وفي الختام تجيء الإشارة إلى قدم هذه الدعوة ، وعراقة منبتها ، وامتداد جذورها في شعاب الزمن ، وتوحد أصولها من وراء الزمان والمكان ... هذا الذي ورد في هذه السورة وهو يتضمن أصول العقيدة الكبرى . هذا الحق الأصيل العريق . هو الذي في الصحف الأولى . صحف إبراهيم وموسى ....
التيسير في أحاديث التفسير للمكي الناصري 1415 هـ :
وختمت سورة " الأعلى " المكية بالإشارة إلى ما بين الرسالات الإلهية من توافق وتلاحم وتكامل وصلة رحم ، فهذه التوجيهات الإلهية التي تضمنها الذكر الحكيم قد سبق أن نزلت بمضمونها ومحتواها صحف موسى وإبراهيم ،...
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.