الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{إِنَّ هَٰذَا لَفِي ٱلصُّحُفِ ٱلۡأُولَىٰ} (18)

أخرج البزار وابن المنذر والحاكم وصححه وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لما نزلت { إن هذا لفي الصحف الأولى صحف إبراهيم وموسى } قال : رسول الله صلى الله عليه وسلم : «هي كلها في صحف إبراهيم وموسى » .

وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : { إن هذا لفي الصحف الأولى } قال : نسخت هذه السورة من صحف إبراهيم وموسى ، ولفظ سعيد : هذه السورة في صحف إبراهيم وموسى ، ولفظ ابن مردويه : وهذه السورة وقوله : { وإبراهيم الذي وفى } [ النجم : 37 ] إلى آخر السورة من صحف إبراهيم وموسى .

وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي أن هذه السورة في صحف إبراهيم وموسى مثل ما نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم .

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي العالية رضي الله عنه { إن هذا لفي الصحف الأولى } يقول : قصة هذه السورة في الصحف الأولى .

وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه { إن هذا لفي الصحف الأولى } قال : تتابعت كتب الله كما تسمعون إن الآخرة خير وأبقى .

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه { إن هذا لفي الصحف الأولى } الآية ، قال : في الصحف الأولى إن الآخرة خير من الدنيا .

وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير عن عكرمة رضي الله عنه { إن هذا لفي الصحف الأولى } قال : هو الآيات .

وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه { إن هذا لفي الصحف الأولى } قال : في كتب الله كلها .

وأخرج عبد بن حميد وابن مردويه وابن عساكر عن أبي ذر رضي الله عنه قال : «قلت يا رسول الله كم أنزل الله من كتاب ؟ قال مائة كتاب وأربعة كتب ، أنزل على شيث خمسين صحيفة ، وعلى إدريس ثلاثين صحيفة ، وعلى إبراهيم عشر صحائف ، وعلى موسى قبل التوراة عشر صحائف ، وأنزل التوراة والإِنجيل والزبور والفرقان . قلت يا رسول الله : فما كانت صحف إبراهيم ؟ قال : أمثال كلها أيها الملك المتسلط المبتلي المغرور لم أبعثك لتجمع الدنيا بعضها على بعض ، ولكن بعثتك لترد عني دعوة المظلوم ، فإني لا أردها ولو كانت من كافر ، وعلى العاقل ما لم يكن مغلوباً على عقله أن يكون له ثلاث ساعات ساعة يناجي فيها ربه ، وساعة يحاسب فيها نفسه ويتفكر فيما صنع ، وساعة يخلو فيها لحاجته من الحلال ، فإن في هذه الساعة عوناً لتلك الساعات واستجماعاً للقلوب وتفريغاً لها ، وعلى العاقل أن يكون بصيراً بزمانه مقبلاً على شأنه حافظاً للسانه ، فإن من حسب كلامه من عمله أقل الكلام إلا فيما يعنيه ، وعلى العاقل أن يكون طالباً لثلاث مرمة لمعاش ، أو تزوّد لمعاد ، أو تلذذ في غير محرم . قلت يا رسول الله : فما كانت صحف موسى ؟ قال : كانت عبراً كلها عجبت لمن أيقن بالموت كيف يفرح ، ولمن أيقن بالموت ثم يضحك ، ولمن يرى الدنيا وتقلبها بأهلها ثم يطمئن إليها ، ولمن أيقن بالقدر ثم ينصب ، ولمن أيقن بالحساب ثم لا يعمل . قلت يا رسول الله : هل أنزل عليك شيء مما كان في صحف إبراهيم وموسى ؟ قال : يا أبا ذر نعم { قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى بل تؤثرون الحياة الدنيا والآخرة خير وأبقى إن هذا لفي الصحف الأولى صحف إبراهيم وموسى } » .

وأخرج البغوي في معجمه عن عبد الرحمن بن أبي شبرة رضي الله عنه أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم مع أبيه فسأله عن أشياء فقال : يا رسول الله كم توتر ؟ قال : بثلاث ركعات تقرأ فيها ب { سبح اسم ربك الأعلى } و { قل يا أيها الكافرون } [ الكافرون : 1 ] و { قل هو الله أحد } [ الإخلاص : 1 ] » .

وأخرج الطبراني عن عبدالله بن الحارث بن عبد المطلب قال : صلاة صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم لنا المغرب فقرأ في الركعة الأولى { سبح اسم ربك الأعلى } وفي الثانية : ب { قل يا أيها الكافرون } .