نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{إِنَّ هَٰذَا لَفِي ٱلصُّحُفِ ٱلۡأُولَىٰ} (18)

ولما كانت هذه النتيجة - التي هي الفلاح بالتزكية وما تبعها - خالصة الكتب المنزلة التي بها تدبير{[72969]} البقاء الأول ، وصفها ترغيباً فيها بوصف جمع القدم المستلزم للصحة بتوارد{[72970]} الأفكار على تعاقب الأعصار ، لأن ما مضت عليه السنون ومرت على قبوله الدهور تكون النفس أقبل للإذعان له-{[72971]} وأدعى إلى إلزامه ، وأفاد مع القدم أن المنزل عليه صلى الله عليه وسلم ليس بدعاً من الرسل عليهم الصلاة والسلام بل هو على منهاجهم ، فرد رسالته من بينهم لا يقول به منصف لا سيما وقد زاد عليهم في المعجزات وسائر-{[72972]} الكرامات بقوله مؤكداً لأجل من يكذب : { إن هذا } أي الوعظ العظيم بالتسبيح الذي ذكر في هذه السور{[72973]} وما تأثر عنه من التزكية بالذكر الموجب للصلاة والإعراض عن الدنيا والإقبال على الآخرة ، لأنه جامع لكل خير ، وهو ثابت {[72974]}في كل{[72975]} شريعة لأنه المقصود بالحكم{[72976]} فهو لا يقبل النسخ { لفي الصحف الأولى * } فمن تبع هذا القرآن الذي هو في هذه الصحف الربانية فقد تحلى من زينة اللسان بما{[72977]} ينقله من البيان الذي هو في غاية التحرير وعظم الشأن وما يعلمه من المغيبات مما يكون أو كان ، ونسيه{[72978]} أهل هذه الأزمان ، فاستراح من ضلال الشعراء والكهان ، الموقعين في الإثم والعدوان ، فإن القرآن جمع المديح الفائق{[72979]} والنسيب الرقيق في وصف الحور والرحيق والفخر الحماسي والهجاء البليغ لأعداء الله ، والترغيب الجاذب للقلوب والترهيب الزاحر والملح الخبرية والحدود الشرعية - إلى غير ذلك من أمور لا تصل إليها الشعراء ، ولا ينتهي إلى أدنى جنابها بلاغات البلغاء .


[72969]:من ظ و م، وفي الأصل: قدير-كذا.
[72970]:من م، وفي الأصل و ظ: التوارد.
[72971]:زيد من م.
[72972]:زيد من ظ و م.
[72973]:من م، وفي الأصل و ظ: السورة.
[72974]:من ظ و م، وفي الأصل: بكل.
[72975]:من ظ و م، وفي الأصل: بكل.
[72976]:من ظ و م، وفي الأصل: في الحكم.
[72977]:زيد في الأصل: يقبله و، ولم تكن الزيادة في ظ و م فحذفناها.
[72978]:من ظ و م، وفي الأصل: به.
[72979]:من ظ و م، وفي الأصل: السابق.