المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{فَجَعَلۡنَٰهُنَّ أَبۡكَارًا} (36)

35 - إنا ابتدأنا خلق الحور العين ابتداءً ، فخلقناهن أبكاراً محببات إلى أزواجهن متقاربات في السن ، مهيئات لنعيم أصحاب اليمين .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{فَجَعَلۡنَٰهُنَّ أَبۡكَارًا} (36)

{ فَجَعَلْنَاهُنَّ } بقدرتنا { أَبْكَاراً } أى : فصيرناهن أبكارا ليكون ذلك أكثر تلذذا بهن .

قال الآلوسى : وفى الحديث الذى أخرجه الطبرانى عن أبى سعيد مرفوعا إن أهل الجنة إذا جامعوا نساءهم ، عدن أبكارا .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{فَجَعَلۡنَٰهُنَّ أَبۡكَارًا} (36)

وقوله : { إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً . فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا . عُرُبًا أَتْرَابًا . لأصْحَابِ الْيَمِينِ } جرى الضمير على غير مذكور . لكن لما دل السياق ، وهو ذكر الفرش على النساء اللاتي يضاجَعن فيها ، اكتفى بذلك عن ذكرهن ، وعاد الضمير عليهن ، كما في قوله : { إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ . فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ } [ ص : 31 ، 32 ] يعني : الشمس ، على المشهور من قول المفسرين .

قال الأخفش في قوله : { إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً } أضمرهن ولم يذكرهن قبل ذلك . وقال أبو عبيدة : ذكرن في قوله : { وَحُورٌ عِينٌ . كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ } [ الواقعة : 22 ، 23 ] .

فقوله : { إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ } أي : أعدناهن في النشأة الآخرة بعدما كُنَّ عجائز{[28091]} رُمْصًا ، صرن أبكارًا عربًا ، أي : بعد الثّيوبة عُدْن أبكارًا عُرُبًا ، أي : متحببات إلى أزواجهن بالحلاوة والظرافة والملاحة .

وقال بعضهم : { عُرُبًا } أي : غَنِجات .

قال موسى بن عُبَيدة الرَّبَذِي ، عن يزيد الرقاشي ، عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً } قال : " نساء عجائز كُنّ في الدنيا عُمْشًا رُمْصًا " . رواه الترمذي ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم . ثم قال الترمذي : غريب ،

وموسى ويزيد ضعيفا{[28092]} {[28093]} .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا محمد بن عوف الحمصي ، حدثنا آدم - يعني : ابن أبي إياس - حدثنا شيبان ، عن جابر ، عن يزيد بن مُرَّة ، عن سلمة بن يزيد قال : سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول في قوله : { إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً } يعني : " الثيب والأبكار اللاتي كُنَّ في الدنيا " {[28094]} .

وقال عبد بن حُمَيد : حدثنا مصعب بن المقدام ، حدثنا المبارك بن فضالة ، عن الحسن قال : أتت عجوز فقالت : يا رسول الله ادع الله أن يدخلني الجنة . فقال : " يا أم فلان ، إن الجنة لا تدخلها عجوز " . قال : فَوَلَّت تبكي ، قال : " أخبروها أنها لا تدخلها وهي عجوز ، إن الله تعالى يقول : { إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً . فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا }

وهكذا رواه الترمذي في الشمائل عن عبد بن حميد {[28095]} .

وقال أبو القاسم الطبراني : حدثنا بكر بن سهل الدمياطي ، حدثنا عمرو بن هاشم البيروتي ، حدثنا سليمان بن أبي كريمة ، عن هشام بن حسان ، عن الحسن ، عن أمه ، عن أم سلمة قالت : قلت : يا رسول الله ، أخبرني عن قول الله : { وَحُورٌ عِينٌ } [ الواقعة : 22 ] ، قال : " حور : بيض ، عين : ضخام العيون ، شُفْر الحوراء بمنزلة جناح النسر " . قلت : أخبرني عن قوله : { كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ } [ الواقعة : 23 ] ، {[28096]} قال : " صفاؤهن صفاءُ الدر الذي في الأصداف ، الذي لم تَمَسّه الأيدي " . قلت : أخبرني عن قوله : { فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ } [ الرحمن : 70 ] . قال : " خَيّراتُ الأخلاق ، حِسان الوجوه " . قلت : أخبرني عن قوله : { كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ } [ الصافات : 49 ] ، قال : " رقتهن كرقة الجلد الذي رأيت في داخل البيضة مما يلي القشر ، وهو : الغِرْقئُ " . قلت : يا رسول الله ، أخبرني عن قوله : { عُرُبًا أَتْرَابًا } . قال : " هن اللواتي قبضن في دار الدنيا عجائز رُمْصًا شُمطًا ، خلقهن الله بعد الكبر ، فجعلهن عذارى عُرُبًا متعشقات محببات ، أترابًا على ميلاد واحد " . قلت : يا رسول الله ، نساء الدنيا أفضل أم الحور العين ؟ قال : " بل نساء الدنيا أفضل من الحور العين ، كفضل الظّهارة على البطانة " . قلت : يا رسول الله ، وبم ذاك ؟ قال : " بصلاتهن وصيامهن وعبادتهن الله ، عز وجل ، ألبس الله وجوههن النور ، وأجسادهن الحرير ، بيض الألوان ، خضر الثياب ، صفر الحلي ، مَجَامِرُهُنَّ الدُّرّ ، وأمشاطهن الذهب ، يقلن : نحن الخالدات فلا نموت أبدًا ، ونحن الناعمات فلا نبأس أبدًا ، ونحن المقيمات فلا نظعن أبدًا ، ألا ونحن الراضيات فلا نسخط أبدًا ، طوبى لمن كُنَّا له وكان لنا " . قلت : يا رسول الله ، المرأة منا تتزوج زوجين والثلاثة والأربعة ، ثم تموت فتدخل الجنة ويدخلون معها ، من يكون زوجها ؟ قال : " يا أم سلمة ، إنها تُخَيَّر فتختار أحسنهم خلقًا ، فتقول : يا رب ، إن هذا كان أحسن خلقًا معي فزوجنيه ، يا أم سلمة{[28097]} ذهب حسن الخلق بخير الدنيا والآخرة " {[28098]} .

وفي حديث الصور الطويل المشهور{[28099]} أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يشفع للمؤمنين كلهم في دخول الجنة فيقول الله : قد شفعتك وأذنت لهم في دخولها . فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " والذي بعثني بالحق ، ما أنتم في الدنيا بأعرف بأزواجكم ومساكنكم من أهل الجنة بأزواجهم ومساكنهم ، فيدخل الرجل منهم على ثنتين وسبعين زوجة ، سبعين مما ينشئ الله ، وثنتين من ولد{[28100]} آدم لهما فضل على من أنشأ الله ، بعبادتهما الله في الدنيا ، يدخل على الأولى منهما في غرفة من ياقوتة ، على سرير من ذهب مُكَلَّل باللؤلؤ ، عليه سبعون زوجًا من سُنْدُس وإستبرق وإنه ليضع يده بين كتفيها ، ثم ينظر إلى يده من صدرها من وراء ثيابها وجلدها ولحمها ، وإنه لينظر إلى مخ ساقها كما ينظر أحدكم إلى السلك في قصبة الياقوت ، كبده لها مرآة - يعني : وكبدها له مرآة - فبينما هو عندها لا يملها ولا تمله ، ولا يأتيها من مرة إلا وجدها عذراء ، ما يفتر ذَكَرُه ، ولا تشتكي قُبُلها إلا أنه لا مني ولا مَنيَّة ، فبينما هو كذلك إذ نودي : إنا قد عرفنا أنك لا تمل ولا تمل ، إلا أن لك أزواجًا غيرها ، فيخرج ، فيأتيهن واحدة واحدة{[28101]} ، كلما جاء واحدة قالت : والله ما في الجنة شيء أحسن منك ، وما في الجنة شيء أحب إليّ منك " .

وقال عبد الله بن وهب : أخبرني عمرو بن الحارث ، عن دَرَّاج ، عن ابن حُجَيرة {[28102]} ، عن أبي هريرة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال له : أَنَطأ في الجنة ؟ قال : " نعم ، والذي نفسي بيده دَحْمًا دحمًا ، فإذا قام عنها رَجَعتْ مُطهَّرة بكرًا " {[28103]} .

وقال الطبراني : حدثنا إبراهيم بن جابر الفقيه البغدادي ، حدثنا محمد بن عبد الملك الدقيق الواسطي ، حدثنا معلى بن عبد الرحمن الواسطي ، حدثنا شريك ، عن عاصم الأحول ، عن أبي المتوكل ، عن أبي سعيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن أهل الجنة إذا جامعوا نساءهم عُدن أبكارًا " {[28104]} . وقال أبو داود الطيالسي : حدثنا عِمْران ، عن قتادة ، عن أنس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يعطى المؤمن في الجنة قوة كذا وكذا في النساء " . قلت : يا رسول الله ، ويطيق ذلك ؟ قال : " يعطى قوة مائة " .

ورواه الترمذي من حديث أبي داود وقال : صحيح غريب{[28105]} .

وروى أبو القاسم الطبراني من حديث حسين بن علي الجعفي ، عن زائدة ، عن هشام بن حسان ، عن محمد بن سيرين ، عن أبي هريرة قال : قيل : يا رسول الله ، هل نصل إلى نسائنا في الجنة ؟ قال : " إن الرجل ليصل في اليوم إلى مائة عذراء " {[28106]} .

قال الحافظ أبو عبد الله المقدسي : هذا الحديث عندي على شرط الصحيح ، والله أعلم .


[28091]:- (3) في أ: "ماكن عجاف".
[28092]:- (4) في أ: "ضعيفان".
[28093]:- (5) سنن الترمذي برقم (3296) وتفسير الطبري (27/107).
[28094]:- (6) ورواه الطبراني في المعجم الكبير (7/40) وأبو نعيم في صفة الجنة برقم (389) من طريق شيبان به، وجابر بن يزيد ضعيف.
[28095]:- (1) الشمائل المحمدية للترمذي برقم (230).
[28096]:- (2) في أ: "كأنهن" وهو خطأ.
[28097]:- (3) في أ: "يا أم سليم".
[28098]:- (4) المعجم الكبير (23/368) وقال الهيثمي في المجمع (7/119): "فيه إسماعيل بن أبي كريمة ضعفه أبو حاتم وابن عدي".
[28099]:- (5) حديث الصور مضى عند تفسير الآية: 73 من سورة الأنعام.
[28100]:- (1) في م: "من ابن".
[28101]:- (2) في م: "واحدة بعد واحدة".
[28102]:- (3) في أ: "عن ابن حجرة".
[28103]:- (4) رواه ابن حبان في صحيحه برقم (2633) "موارد" وأبو نعيم في صفة الجنة برقم (393) من طريق ابن وهب به، ودراج متكلم فيه.
[28104]:- (5) المعجم الصغير (1/91) وفيه معلى بن عبد الرحمن وهو كذاب.
[28105]:- (6) مسند الطيالسي برقم (2012) وسنن الترمذي برقم (2536).
[28106]:- (7) المعجم الصغير (2/12، 13).

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{فَجَعَلۡنَٰهُنَّ أَبۡكَارًا} (36)

وقوله تعالى : { فجعلناهن أبكاراً } قيل معناه : دائمات البكارة متى عاود الواطئ وجدها بكراً .