المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَلَوۡ فَتَحۡنَا عَلَيۡهِم بَابٗا مِّنَ ٱلسَّمَآءِ فَظَلُّواْ فِيهِ يَعۡرُجُونَ} (14)

14- إن هؤلاء يطلبون أن تنزل عليهم الملائكة ، ولا تظن - أيها النبي - أنهم يؤمنون لو نزلت ، بل لو فتحنا عليهم بابا من السماء فظلوا فيه يصعدون ، يرون العجائب ويرون الملائكة .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَلَوۡ فَتَحۡنَا عَلَيۡهِم بَابٗا مِّنَ ٱلسَّمَآءِ فَظَلُّواْ فِيهِ يَعۡرُجُونَ} (14)

ثم ختم - سبحانه - هذه الآيات الكريمة برسم صورة عجيبة لعناد هؤلاء المكذبين ولجحودهم للحق بعدما تبين فقال : { وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَاباً مِّنَ السماء فَظَلُّواْ فِيهِ يَعْرُجُونَ لَقَالُواْ إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَّسْحُورُونَ } .

وقوله - سبحانه - { وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَاباً مِّنَ السماء . . } معطوف على قوله { لاَ يُؤْمِنُونَ بِهِ . . } لإِبطال معاذيرهم ، ولبيان أن سبب عدم إيمانهم هو الجحود والعناد ، وليس نقصان الدليل والبرهان على صحة ما جاء به النبى صلى الله عليه وسلم .

قال الإِمام الرازى . وقوله - تعالى - { فَظَلُّواْ فِيهِ يَعْرُجُونَ } يقال : ظل فلان نهاره يفعل كذا ، إذا فعله بالنهار ، ولا تقول العرب ظل يظل إلا لكل عمل بالنهار ، كما لا يقولون بات يبيت إلا بالليل ، والمصدر الظلول .

ويعرجون : من العروج ، وهو الذهاب في صعود ، وفعله من باب دخل ، يقال عرج فلان إلى الجبل يعرج إذا صعد ، ومنه المعراج والمعارج أى المصاعد .

وقوله { سكرت } من السَّكْر - بفتح السين المشددة وسكون الكاف - بمعنى السد والحبس والمنع ، يقال سكرت الباب أسْكرُه سَكْراً ، إذا سددته ، والتشديد في { سكرت } للمبالغة ، وهو قراءة الجمهور . وقرأ ابن كثير { سكرت } ، بكسر الكاف بدون تشديد .

وقوله { مسحورون } اسم مفعول من السحر ، بمعنى الخداع والتخييل والصرف عن الشئ إلى غيره .

والمعنى : أن هؤلاء المشركين بلغ بهم الغلو في الكفر والعناد ، أننا لو فتحنا لهم بابا من أبواب السماء ، ومكناهم من الصعود إليه ، فظلوا في ذلك الباب يصعدون ، ويطلعون على ملكوت السموات وما فيها من الملائكة والعجائب لقالوا بعد هذا التمكين والاطلاع - لفرط عنادهم وجحودهم - إنما أبصارنا منعت من الإِبصار ، وما نراه ما هو إلا لون من الخداع والتخييل والصرف عن إدراك الحقائق بسبب سحر محمد صلى الله عليه وسلم لنا وعلى هذا التفسير الذي سار عليه جمهور المفسرين ، يكون الضمير في قوله { فظلوا } يعود إلى هؤلاء المشركين المعاندين

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَلَوۡ فَتَحۡنَا عَلَيۡهِم بَابٗا مِّنَ ٱلسَّمَآءِ فَظَلُّواْ فِيهِ يَعۡرُجُونَ} (14)

وليس الذي ينقصهم هو توافر دلائل الإيمان ، فهم معاندون ومكابرون ، مهما تأتهم من آية بينة فهم في عنادهم ومكابرتهم سادرون .

وهنا يرسم السياق نموذجا باهرا للمكابرة المرذولة والعناد البغيض :

( ولو فتحنا عليهم بابا من السماء فظلوا فيه يعرجون ، لقالوا : إنما سكرت أبصارنا ، بل نحن قوم مسحورون ) .

ويكفي تصورهم يصعدون في السماء من باب يفتح لهم فيها . يصعدون بأجسامهم ، ويرون الباب المفتوح أمامهم ، ويحسون حركة الصعود ويرون دلائلها . .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَلَوۡ فَتَحۡنَا عَلَيۡهِم بَابٗا مِّنَ ٱلسَّمَآءِ فَظَلُّواْ فِيهِ يَعۡرُجُونَ} (14)

وقوله : { ولو فتحنا عليهم } ، الضمير في { عليهم } عائد على قريش وكفرة العصر المحتوم عليهم . والضمير في قوله : { فظلوا } يحتمل أن يعود عليهم - وهو أبلغ في إصرارهم - وهذا تأويل الحسن : و { يعرجون } معناه : يصعدون .

وقرأ الأعمش وأبو حيوة «يعرِجون » بكسر الراء{[7139]} ، والمعارج الأدراج ، ومنه : المعراج ، ومنه قول كثير : [ الطويل ] .

إلى حسب عود بني المر قبله . . . أبوه له فيه معارج سلم{[7140]}

ويحتمل أن يعود على { الملائكة } [ الحجر : 7 ] لقولهم : { لو ما تأتينا بالملائكة } [ الحجر : 7 ] ، فقال الله تعالى : «ولو رأوا الملائكة يصعدون ويتصرفون في باب مفتوح في السماء ، لما آمنوا » : وهذا تأويل ابن عباس .


[7139]:وهي لغة هذيل في العروج بمعنى الصعود.
[7140]:الحسب: الشرف الثابت في الآباء، أو ما يعده الإنسان من مفاخر آبائه، والعود: القديم الضخم، و المعارج: جمع معرج (بالفتح والكسر في الميم) وهو ما يصعد فيه، والعروج هو الصعود.