تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{فَرَاغَ إِلَىٰٓ أَهۡلِهِۦ فَجَآءَ بِعِجۡلٖ سَمِينٖ} (26)

فراغَ إلى أهله : فذهب إلى أهله خفية وسرا .

ثم أسرع إبراهيم إلى أهله خِفية وقدّم لضيوفه عجْلا سمينا مشويّا ،

 
روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي [إخفاء]  
{فَرَاغَ إِلَىٰٓ أَهۡلِهِۦ فَجَآءَ بِعِجۡلٖ سَمِينٖ} (26)

{ فَرَاغَ إلى أَهْلِهِ } أي ذهب إليهم على خفية من ضيفه ، نقل أبو عبيدة أنه لا يقال : راغ إلا إذا ذهب على خفية ، وقال : يقال روغ اللقمة إذا غمسها في السمن حتى تروى ، قال ابن المنير : وهو من هذا المعنى لأنها تذهب مغموسة في السمن حتى تخفى ، ومن مقلوب الروغ غور الأرض والجرح لخفائه وسائر مقلوباته قريبة من هذا المعنى ، وقال الراغب : الروغ الميل على سبيل الاحتيال ، ومنه راغ الثعلب ، وراغ فلان إلى فلان مال نحوه لأمر يريده منه بالاحتيال ، ويعلم منه أن لاعتبار قيد الخفية وجهاً وهو أمر يقتضيه المقام أيضاً لأن من يذهب إلى أهله لتدارك الطعام يذهب كذلك غالباً ، وتشعر الفاء بأنه عليه السلام بادر بالذهاب ولم يمهل وقد ذكروا أن من أدب المضيف أن يبادر بالقرى من غير أن يشعر به الضيف حذراً من أن يمنعه الضيف ، أو يصير منتظراً { فَجَاء بِعِجْلٍ } هو ولد البقرة كأنه سمي بذلك لتصور عجلته التي تعدم منه إذا صار ثوراً { سَمِينٍ } ممتلىء الجسد بالشحم واللحم يقال : سمن كسمع سمانة بالفتح وسمناً كعنب فهو سامن وسمين ، وكحسن السمين خلقة كذا في «القاموس » ، وفي «البحر » يقال : سمن سمناً فهو سمين شذوذاً في المصدر ، واسم الفاعل . والقياس سمن وسمن ، وقالوا : سامن إذا حدث له السمن انتهى ، والفاء فصيحة أفصحت عن جمل قد حذفت ثقة بدلالة الحال عليها ، وإيذاناً بكمال سرعة المجيء بالطعام أي فذبح عجلاً فحنذه فجاء به ، وقال بعضهم إنه كان معداً عنده حنيذاً قبل مجيئهم لمن يرد عليه من الضيوف فلا حاجة إلى تقدير ما ذكر ، والمشهور اليوم أن الذبح للضيف إذا ورد أبلغ في إكرامه من الإتيان بما هىء من الطعام قبل وروده ، وكان كما روي عن قتادة عامة ماله عليه السلام البقر ولو كان عنده أطيب لحماً منها لأكرمهم به .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{فَرَاغَ إِلَىٰٓ أَهۡلِهِۦ فَجَآءَ بِعِجۡلٖ سَمِينٖ} (26)

ولهذا راغ إلى أهله أي : ذهب سريعًا في خفية ، ليحضر لهم قراهم ، { فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ }

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{فَرَاغَ إِلَىٰٓ أَهۡلِهِۦ فَجَآءَ بِعِجۡلٖ سَمِينٖ} (26)

قوله : { فراغ إلى أهله فجاء بعجل سمين } راغ بمعنى مال . راغ إلى كذا مال إليه سرا وحاد{[4336]} من الروغان وهي السرعة . والمعنى أن إبراهيم قد انسلّ إلى أهله في خفة وسرعة . أو عدل إليهم مسرعا ، ثم رجع إلى ضيفه يحمل لهم طعاما من عجل سمين من أجود ما عنده من العجول . وقد شواه في الرضف مبتغيا بذلك إكرام ضيفه وإتحافهم .


[4336]:مختار الصحاح ص 264.
 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{فَرَاغَ إِلَىٰٓ أَهۡلِهِۦ فَجَآءَ بِعِجۡلٖ سَمِينٖ} (26)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{فراغ} يعني فمال {إلى أهله فجاء} إليهم {بعجل سمين}...

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

وقوله:"فَرَاغَ إلى أهْلِهِ "يقول: عدل إلى أهله ورجع. وكان الفرّاء يقول: الروغ وإن كان على هذا المعنى فإنه لا ينطق به حتى يكون صاحبه مخفيا ذهابه أو مجيئه...

وقوله: "فَجاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ" يقول: فجاء ضيفَه بعجل سمين قد أنضجه شيّا.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

راغ، أي مال إلى أهله على خفاء من أضيافه وسرٍّ منهم...

التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :

"فجاء بعجل سمين " فالعجل واحد البقر الصغير مأخوذ من تعجيل أمره بقرب ميلاده.

جهود الإمام الغزالي في التفسير 505 هـ :

الروغان: الذهاب بسرعة، وقيل: في خفية...

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

{فَرَاغَ إلى أهله} فذهب إليهم في خفية من ضيوفه؛ ومن أدب المضيف أن يخفي أمره، وأن يبادره بالقرى من غير أن يشعر به الضيف، حذراً من أن يكفه ويعذره...

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

{فراغ إلى أهله فجاء بعجل سمين * فقربه إليهم قال ألا تأكلون} بفاء التعقيب فدل على أن تقريب الطعام منهم بعد حصول الإنكار لهم...

ولنعد إلى بيان ما أتى به من آداب الإضافة وما أتوا به من آداب الضيافة، فالإكرام أولا ممن جاءه ضيف قبل أن يجتمع به ويسلم أحدهما على الآخر أنواع من الإكرام وهي اللقاء الحسن والخروج إليه والتهيؤ له، ثم السلام من الضيف على الوجه الحسن الذي دل عليه النصب في قوله: {سلاما} إما لكونه مؤكدا بالمصدر أو لكونه مبلغا ممن هو أعظم منه. ثم الرد الحسن الذي دل عليه الرفع والإمساك عن الكلام لا يكون فيه وفاء، إن إبراهيم عليه السلام لم يقل سلام عليكم بل قال أمري مسالمة... ثم تعجيل القرى الذي دل عليه قوله تعالى: {فما لبث أن جاء} وقوله هاهنا: {فراغ} فإن الروغان يدل على السرعة والروغ الذي بمعنى النظر الخفي أو الرواح المخفي أيضا كذلك. ثم الإخفاء فإن المضيف إذا أحضر شيئا ينبغي أن يخفيه عن الضيف كي لا يمنعه من الإحضار بنفسه حيث راغ هو ولم يقل هاتوا، وغيبة المضيف لحظة من الضيف مستحسن ليستريح ويأتي بدفع ما يحتاج إليه ويمنعه الحياء منه ثم اختيار الأجود بقوله: {سمين}. ثم تقديم الطعام إليهم لا نقلهم إلى الطعام بقوله: {فقربه إليهم} لأن من قدم الطعام إلى قوم يكون كل واحد مستقرا في مقره لا يختلف عليه المكان فإن نقلهم إلى مكان الطعام ربما يحصل هناك اختلاف جلوس فيقرب الأدنى ويضيق على الأعلى. ثم العرض لا الأمر حيث قال: {ألا تأكلون} ولم يقل كلوا ثم كون المضيف مسرورا بأكلهم غير مسرور بتركهم الطعام كما يوجد في بعض البخلاء المتكلفين الذين يحضرون طعاما كثيرا ويكون نظره ونظر أهل بيته في الطعام متى يمسك الضيف يده عنه، يدل عليه. قوله تعالى: {فأوجس منهم خيفة قالوا لا تخف وبشروه بغلام عليم} ثم أدب الضيف أنه إذا أكل حفظ حق المؤاكلة، يدل عليه أنه خافهم حيث لم يأكلوا. ثم وجوب إظهار العذر عند الإمساك يدل عليه قوله: {لا تخف}. ثم تحسين العبارة في العذر وذلك لأن من يكون ممسكا وأحضر لديه الطعام فهناك أمران:

(أحدهما) أن الطعام لا يصلح له لكونه مضرا به.

(الثاني) كونه ضعيف القوة عن هضم ذلك الطعام؛ فينبغي أن لا يقول الضيف هذا طعام غليظ لا يصلح لي؛ بل الحسن أن يأتي بالعبارة الأخرى ويقول: لي مانع من أكل الطعام، وفي بيتي لا آكل أيضا شيئا، يدل عليه قوله: {وبشروه بغلام} حيث فهموه أنهم ليسوا ممن يأكلون ولم يقولوا لا يصلح لنا الطعام والشراب. ثم أدب آخر في البشارة أن لا يخبر الإنسان بما يسره دفعة فإنه يورث مرضا يدل عليه أنهم جلسوا واستأنس بهم إبراهيم عليه السلام ثم قالوا نبشرك ثم ذكروا أشرف النوعين وهو الذكر ولم يقتنعوا به حتى وصفوه بأحسن الأوصاف فإن الابن يكون دون البنت إذا كانت البنت كاملة الخلقة حسنة الخلق والابن بالضد، ثم إنهم تركوا سائر الأوصاف من الحسن والجمال والقوة والسلامة واختاروا العلم إشارة إلى أن العلم رأس الأوصاف ورئيس النعوت. وقد ذكرنا فائدة تقديم البشارة على الإخبار عن إهلاكهم قوم لوط، ليعلم أن الله تعالى يهلكهم إلى خلف، ويأتي ببدلهم خيرا منهم.

التفسير القيم لابن القيم 751 هـ :

ففي هذا الثناء على إبراهيم صلى الله عليه وسلم من وجوه متعددة:...

...

...

...

...

...

...

....

السادس: أنه راغ إلى أهله ليحييهم بنُزُلهم. و«الروغان»: هو الذهاب في اختفاء بحيث لا يكاد يشعر به. وهذا من كرم رب المنزل المضيف: أن يذهب في اختفاء بحيث لا يشعر به الضيف، فيشق عليه ويستحي. فلا يشعر به إلا وقد جاءه بالطعام، بخلاف من يسمع ضيفه وهو يقول له، أو لمن حضر: مكانكم حتى آتيكم بالطعام، ونحو ذلك مما يوجب حياء الضيف واحتشامه.

السابع: انه ذهب إلى أهله، فجاء بالضيافة. فدل على أن ذلك كان معدا عندهم مهيئا للضيفان. ولم يحتج أن يذهب إلى غيرهم من جيرانه، أو غيرهم فيشتريه، أو يستقرضه.

الثامن: قوله تعالى: {فجاء بعجل سمين} يدل على خدمته للضيف بنفسه، ولم يقل: «فأمر لهم»، بل هو الذي ذهب وجاء به بنفسه، ولم يبعثه مع خادمه. وهذا أبلغ في إكرام الضيف.

التاسع: أنه جاء بعجل كامل، ولم يأت ببضعة منه. وهذا من تمام كرمه صلى الله عليه وسلم.

العاشر: أنه سمين لا هزيل. ومعلوم أن ذلك من أفخر أموالهم، ومثله يتخذ للاقتناء والتربية، فآثر به ضيفانه.

الحادي عشر: أنه قربه إليهم بنفسه، ولم يأمر خادمه بذلك.