تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{هَمَّازٖ مَّشَّآءِۭ بِنَمِيمٖ} (11)

همّاز : عياب طعان .

مشّاء بنميم : كثير الوشاية والنميمة بين الناس .

فالآية عامة في كل من ينمُّ ويمشي بالسوءِ بين الناس ، ويثير الفتنَ والشرَّ بينهم .

وقد كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ينهى أصحابه أن ينقلَ إليه أحدٌ منهم ما يُغيِّر قلبه على صاحبٍ من أصحابه . وكان يقول : « لا يبلّغني أحدٌ عن أحدٍ من أصحابي شيئا ، فإني أُحبّ أن أخرجَ إليكم وأنا سليمُ الصدر » ، رواه أبو داود والترمذي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه .

وروى الإمام أحمد والبخاري ومسلم وغيرهم عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « لا يدخلُ الجنةَ فتّان » والفتان هو النمّام .

وهناك أحاديثُ كثيرة تحذّر من هذه الأخلاق الفاسدة ، فالإسلامُ جاء لينقِّيَ الأخلاقَ ، ويعلّم الناسَ الخير ، ورفيعَ الأخلاق ، والمعاملةَ الطيبة ، وحُسنَ المعاشرة ، وهو يشدِّد في النهي عن الخلُق الذميم الوضيع .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{هَمَّازٖ مَّشَّآءِۭ بِنَمِيمٖ} (11)

" هماز " قال ابن زيد : الهماز الذي يهمز الناس بيده ويضربهم . واللماز باللسان . وقال الحسن : هو الذي يهمز ناحية في المجلس ، كقوله تعالى : " همزة " . [ الهمزة : 1 ] . وقيل : الهماز الذي يذكر الناس في وجوههم . واللماز الذي يذكرهم في مغيبهم ، قاله أبو العالية وعطاء بن أبي رباح والحسن أيضا . وقال مقاتل ضد هذا الكلام : إن الهمزة الذي يغتاب بالغيبة . واللمزة الذي يغتاب في الوجه . وقال مرة : هما سواء . وهو القتات الطعان للمرء إذا غاب . ونحوه عن ابن عباس وقتادة . قال الشاعر :

تُدْلِي بود إذا لاقيتني كذباً *** وإن أَغِبْ فأنت الهامز اللُّمَزَهْ

" مشاء بنميم " أي يمشي بالنميمة بين الناس ليفسد بينهم . يقال : نم ينم نما ونميما ونميمة ، أي يمشي ويسعى بالفساد . وفي صحيح مسلم عن حذيفة أنه بلغه أن رجلا ينم الحديث ، فقال حذيفة : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( لا يدخل الجنة نمام ) . وقال الشاعر :

ومولىً كبيت النمل لا خير عنده *** لمولاه إلا سعيُه بنميم

قال الفراء : هما لغتان . وقيل : النميم جمع نميمة .

 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{هَمَّازٖ مَّشَّآءِۭ بِنَمِيمٖ} (11)

{ هماز } هو الذي يعيب الناس .

{ مشاء بنميم } أي : كثير المشي بالنميمة ، يقال نميم ونميمة بمعنى واحد ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا يدخل الجنة نمام " .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{هَمَّازٖ مَّشَّآءِۭ بِنَمِيمٖ} (11)

ولما كان كل{[67454]} من اتصف بصفة ، أحب أن يشاركه الناس فيها{[67455]} أو يقاربوه ، لا سيما إن كانت تلك الصفة دنية ليسلم من العيب أو الانفراد به ، ولأن الشيء لما داناه ألف قال : { هماز } أي كثير العيب للناس في غيبتهم ، وقال الحسن : هو الذي يغمز بأخيه في المجلس ، أي لأن الهمز العض والعصر{[67456]} والدفع - من المهماز الذي يطعن به{[67457]} في بطون الدواب ، وهو مخصوص بالغيبة كما أن اللمز مخصوص بالمواجهة .

ولما كانت النميمة - وهي نقل الحديث على وجه السعاية - أشد الهمز{[67458]} أفاد أنه يفعله ولا يقتصر على مجرد النقل ، بل يسعى به إلى غيره وإن بعد{[67459]} فقال تعالى{[67460]} : { مشاء } أي كثير المشي { بنميم } أي ينقل ما قاله الإنسان في آخر{[67461]} وأذاعه سراً ، لا يريد صاحبه إظهاره ، على وجه الإفساد للبين ، مبالغ في ذلك بغاية جهده .


[67454]:- سقط من ظ وم.
[67455]:- زيد من ظ وم.
[67456]:- من ظ وم، وفي الأصل: العرض.
[67457]:- زيد من م.
[67458]:- من ظ وم، وفي الأصل: اللمر.
[67459]:- زيد من ظ وم.
[67460]:- زيد في الأصل: مبينا، ولم تكن الزيادة في ظ وم فحذفناها.
[67461]:- زيد من ظ وم.